ـ(173)ـ ليس التراث الفقهي إلا مفتاحا يساعد على فهم القرآن، ويدعونا إلى أن نعود إليه وهو في الوقت نفسه مفتاح الوحدة الإسلامية. ليس التراث الفقهي حاجزا يحول دون الوصول إلى النبع الأصل والنهل منه وبالتالي ليس حاجزا بين المسلمين ووحدتهم الإسلامية. هل يدعونا الإسلام إلى أن نترك القرآن للسنة؟ هل يدعونا الإسلام بعدها إلى أن نترك السنة لأقوال الأئمة؟ هل يدعونا الإسلام بعدها إلى أن نترك أقوال الأئمة لمؤلفي المتون؟ هذه هي الصورة التي يسير عليها كثير من المسلمين. يدرسون المالكية من متن العشماوية، ويدرسون الحنفية من متن نور الإيضاح، ويدرسون الشافعية من متن الغاية والتقريب، دون أني كون هناك اتصال مباشر بالقرآن والسنة كمصدر اصل، وهما مصدر الوحدة. هل المسلمون يتعلمون ليقرؤوا أم يقرؤون ليتعلموا، هل همهم ضبط اللفظ ومراعاة أحكام التجويد والنظر إلى الشكل دون المضمون والغاية والقصد. التراث الفقهي مهم لإخصاب الدراية بالآيات القرآنية، ولا يمكن لـه أن يحتل محل الآيات القرآنية في القدسية والدراية طريق الوحدة. ليس المطلوب القفز فوق التراث ومحاولة الاتصال بالقرآن وتقرير الأحكام، وإنّما جهد المجددين يجب أن يكون مضاعفا، وهو الاستئناس بالتراث ليكون مفتاحا للاتصال بالقرآن. التراث الفقهي ليس دينا، ولا مقدسا، لأنه من مفهوم البشر، وإنّما يستعان به وهو وسيلة للوصول إلى الأصل حتى نبقى مشدودين إلى القرآن والسنة، وبهذا نكون قد وضعنا الخطوة الأولى والأولى لمنهاج العودة إلى القرآن، وهنا لابد من القول: أن الاغتراف من القرآن مباشرة يدعونا إلى امتلاك الوسائل التي تمكننا من الوحدة