ـ(157)ـ فقال الكميت: والله ما أحببتكم للدنيا، ولو أردتها لأتيت من هي في أيديهم، ولكني أحببتكم للآخرة، فأما المال فلا حاجة لي به، وأما الثياب التي أصابت أجسادكم فأني اقبلها لبركتها(9). وحدث محمد بن سهل(صاحب الكميت) قال: دخلت مع الكميت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أيام التشريق بمنى، فقال: جعلت فداك، إلا أنشدك؟ فقال: يا كميت إنها أيام عظام، فقال: أنها فيكم، فقال: هات ـ وبعث الإمام إلى بعض أهله - فأنشده لاميته ألا هل عم في راية متأمل $$$ وهل مدبر بعد الإساءة مقبل فكثر البكاء حوله... ثم رفع أبو عبد الله يديه، وقال: اللهم أغفر للكميت ما قدم، وما أخر، وما أسر وما أعلن، وأعطه حتى يرضى... ويقول صاعد(مولى الكميت) دخلنا على فاطمة بنت الحسين، فقالت: هذا شاعرنا أهل البيت وجاءت بقدح فيه سويق، فحركته بيدها ودفعته إليه فشربه، ثم أمرت لـه بثلاثين دينارا ومركب، فهملت عيناه، ثم قال: لا والله إني لم أحبكم للدنيا(10). واسمحوا لي ان أشير بشكل سريع إلى مسألة تستحق كثيرا من الدراسة هي أن الكميت عرف في كتب الأدب والتاريخ بأنه شاعر الشيعة، وأنه فقيه الشيعة... نعم، هذا صحيح، ولكننا يجب أن لا نفهم ذلك على أساس الافتراق القائم اليوم ـ مع الأسف ـ بين السنة والشيعة. كان الشاعر شيعيا لأن ولاءه لم يكن مع آل أبي سفيان، ولم يكن من شيعة بني أمية، بل كان ولاءه مع آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم كان التقابل يومئذ بين شيعة علي وهم الذين يرفضون كل انحراف عن القرآن والسنة، وبين أصحاب مصالح الحكم الذين سعوا لتحريف الدين وفق مصالحهم. من هنا فان الشاعر هو بمفهومنا اليوم شاعر كل المدافعين عن القرآن والسنة، شاعر المسلمين جميعاً.