ـ(153)ـ بالنسبة إلى مساحات الافتراق. وهو سبيل جيد وهام يعطى التقريب معنى واقعيا، ويكسبه رصيدا علميا. لكني أحسب أن تأثيره قليل في إزالة الحساسيات وشد القلوب وتوحيد الصفوف. وسبب ذلك يعود إلى أن كل هذه الإعمال العلمية لا تؤثر إلا في العقل والفكر، أي في المنطقة الباردة من وجود الإنسان. أما المنطقة الساخته المحركة المؤثرة فتبغى بمعزل عن بحوث الأصول والفروع، إنها تحتاج إلى حوافز عاطفية. وهي ليست قليلة في المنهج الإسلامي التربوي، واعتقد ان حب رسول الله صلّى الله عليه وآله يشكل معلما هاما من معالم هذا المنهج، وهو قادر ان يشد القلوب، ويوحد العواطف، ويخلق الانسجام في الحركة والتطلع أكثر من البحوث العلمية التقريبية. لابد من تسخير كل الفنون والآداب ووسائل التأثير لشد الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله شدا عاطفياً حارا محركا.. ومثل هذا الشد سيكون لـه أعظم الآثار في التربية، وفي توحيد الكلمة ورص الصفوف. وأسبوع الوحدة الإسلامية فرصة سنوية عظيمة لدراسة سبل الربط العاطفي برسول الله، فهي أساس الارتباط بشريعة النبي الخاتم وسيرته المباركة. أعود إلى عواطف الكميت تجاه رسول الله صلّى الله عليه وآله لقد كان الرجل عاشقا كلفا بالنبي هائما بحبه. وهذا موقف لـه قيمته الكبرى في عصر بني أمية. ففي هذا العصر اقتضت مصالح الحكم والسياسة التقليل من شأن النبي صلّى الله عليه وآله، والأعراض عن ذكره، فما بالك بمدحه، لأن مدح الرسول في هذا العصر، كما يقول الأستاذ عبد الحسيب طه حميده "تزكية للهاشميين، ولفت للذهن إلى حق هؤلاء في الخلافة"(5). والغريب أن مصالح الحكم والسياسة أباحت لابن الزبير ـ على مكانته الدينية وبيته من الإسلام ـ أن يسقط ذكر النبي صلّى الله عليه وآله من خطبه، حتى إذا ليم على ذلك قال: "والله لا يمنعني من ذكره علانية أني لا أذكره سرا، واصلي عليه، ولكني رأيت هذا الحي من بني هاشم إذا سمعوا ذكره اشرأبت أعناقهم، وابغض الأشياء الي ما يسرهم. وفي