ـ(152)ـ وعشت.. وعشت..(3) وكلها تحكي عن تجربة شعورية مر بها الرجل مع القرآن الكريم، عاناها وهو يكتب "التصوير الفني في القرآن" وكذلك وهو يكتب "في ظلال القرآن"(4). فهل هذه التجربة الشعورية مع القرآن شطت عن حقائق القرآن الكريم؟ أبدا، أنها عبرت عن أعمق الحقائق التي تجلت في نفس الكاتب، وتستثير أعمق الحقائق في نفس القارئ. الكميت الرسالي يختلف نوع التجارب الشعورية التي يمر بها الأديب باختلاف سلوكه في الحياة، فإذا كان الأديب يعيش آماله وآلامه ومشاعره الفردية، يكون أدبه منطويا على الذات ومعبرا عن نزعة رومانسية في الأدب، وأن كان يعش هموما اجتماعية ورسالية، تكون المحفزات التي تستثيره من النوع الاجتماعي الرسالي، وتكون التجارب الشعورية التي يمر بها ذات طابع يتجاوز المسائل الذاتية الفردية، ويكون أدبه أقرب إلى الأدب الواقعي. والكميت كان أدبه واقعيا، وانفعالاته رسالية، وتجاربه الشعورية ترتبط بعواطفه الرسالية. نجد هذه النزعة الرسالية بشكل واضح جلي في حبه لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. وهنا أقف قليلاً عند هذه النقطة التي احسبها ذات قيمة في وحدة الأمة الإسلامية والتقريب بين فصائلها. وقيمتها تتجلى عندما يتضح دور العاطفة في شد قلوب أبناء الأمة. لقد اهتم المخلصون في تقريب فصائل الأمة بمسائل الأصول والفروع ليجدوا مساحات التقارب الواسعة بين المذاهب الإسلامية، وليبينوا قلة مساحات الاختلاف