ـ(143)ـ انظر كيف أمر المسلمين والمؤمنين أن لا يتركوا اقتتال الفئتين الناشئ عن اختلافهم بل أمر سبحانه بمحاربة الفئة الباغية ومناصرة المحقة منهما والوقوف معها وإرغام الباغية على الرجوع للحق وعدم ترك هذا الأمر على الدوام إلى حين رجوع الفرقة المخطئة ?... فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?(سورة الحجرات: 9). أمر سبحانه بإزالة الشحناء والفرقة كما أمر بالرضوخ للحق وحمل الجميع على التحاب فيما بينهم وعلى الألفة إذا عادت الفئة الباغية ورضخت للحق، وفي هذا دليل واضح على ما ذكرناه وبيناه. ولا يلزم من نصره المحق على الباغي الاجتماع بالأبدان إذ قد يتعذر ذلك لبعد المسافات وتنائي الأقطار والواجب من ذلك نصرة فكرة المحق وشرحها وبيانها للناس سواء بالخطابة أو بالتأليف والتصنيف أو بغير ذلك من الوسائل التي توصل صحة الفكرة للناس جميعاً. (تنبيه مهم): وهنا نعرّج على ذكر بعض الظواهر الموجودة عند بعض المسلمين مما يتعلق بهذه المسألة فنقول: أن من الجماعات والأحزاب اليوم من يحض على التنائي والابتعاد عند وجود الفرقة والاختلاف !! ويحتجون بأن الابتعاد والاعتزال هو الأسلم مع أنهم لا يعتزلون ولا يبتعدون عن كثير من الأمور الأخرى التي تحقق لهم منافع ومصالح ذاتية وفوائد شخصية لا تمت إلى المصالح الشرعية العامة بصلة من الصلات!! وهذا مثل قولهم أيضاً في الأمور الفقهية ونحوها لحض الناس وخاصة اتباعهم عن الابتعاد عن العلم ليتم لهم قيادة الشارع الجاهل الغافل(هذه أمور خلافية والأولى الابتعاد)!!! وكل ذلك مخالفة منهم في الواقع لأمر الله تعالى وما يجب على المسلم أن يفعله كما برهنا على ذلك في النصوص السابقة.