ـ(132)ـ الذي لا يستطيع أحد أن ينكره. ويمكن لكل عاقل أن يحصر ما يجري بين المسلمين اليوم من عداوة وبغضاء في أمرين: الأول: الاختلافات السياسية فيما بين البلدان والتي لا تتفرع عن اعتقاد ديني وإنّما أهواء نفسية ولو كان أصحاب الخلاف فيما منقادين لمبادئ عقائدية شرعية انقيادا وخضوعا للشرع لزال الخلاف وحل الوفاق والوئام، وعلى كل فهي ليست بين الشعوب حقيقة وان كان تأثيرها يحصل لبعض الأفراد وإنّما بين القادة ولا تلبث أن تزول بتصالح الدولتين، فهي غير متعمقة ولامتجذرة دينيا، ويمكن للمسلمين تفاديها إذا كانوا على مستوى رفيع من الوعي. والثاني: اختلافات الأفكار والمذاهب العقائدية والفكرية وهذه هي التي تنتشر عدواها بين الشعوب وتسبب الأحقاد والفرقة والبغضاء واعتقاد كفر الآخرين، وهي التي يذكر نارها اليوم أعداء الإسلام وتنفق في سبيل تحقيقها الأموال الطائلة، وهذه هي الاختلافات العميقة المتجذرة دينيا والتي يحض مجسمة الحنابلة اليوم وينصحون بوجوب الهجر والرمي بالتبديع والتفسيق والتكفير !! وتأصيل ذلك كأصول شرعية يجب سلوكها ومن أعظمها الهجر !! وأخطره هجر فكر المخالف وتضليل العامة وإفتاؤهم بعدم جواز الاطلاع على فكر المخالفين من بقية المذاهب الإسلامية أو قراءة كتبهم ومؤلفاتهم خوفا مما يسمونه بالاغترار والافتتان بهم أو الاقتناع بأدلتهم !! وهذه طريقة معارضي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والذين عرفوا حقيقة دعوة الأنبياء وتيقنوا من إفلاس أنفسهم من الحق فقالوا كما حكى الله تعالى عنهم في كتابه العزيز: ?... جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا?(سورة نوح: 7). ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ?(سورة فصلت: 26).