ـ(98)ـ الأركان لا يبطل حقّ حقّاً ولا يكذب صدق صدقاً، والباطل هو الذي ينافي الباطل، وينافي الحقّ، أُنظر مغزى قولـه سبحانه ?فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ?(1)، فقد جعل الحقّ واحداً لا تفرّق فيه ولا تشتّت، وانظر إلى قولـه تعالى:?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?(2)، فقد جعل الباطل متشتتاً ومتفرّقاً ومفرّقاً. وإذا كان الأمر كذلك فلا يقع بين أجزاء الحقّ اختلاف بل نهاية الائتلاف يجرّ بعضه إلى بعض وينتج بعضه البعض، كما يشهد بعضه على بعض ويحكي بعضه البعض"(3). القاعدة الرابعة: علم اللغة العربية: نقلوا عن مجاهد أنّه قال: "لا يحلّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلّم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب"(4). توضيح ذلك(5). قد أُنزل القرآن الكريم على أفصح اللغات وأكثرها تداولاً ومألوفيّة للعرب، فلا تخفى معاني مفرداته عليهم إلاّ نادراً لبعض الجهات، كما يروى في الأبّ والقضب في قولـه تعالى: ?وَعِنَبًا وَقَضْبًا _ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا _ وَحَدَائِقَ غُلْبًا _ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا?(6)، ولكن لمّا تشرّفت الأُمم من غير العرب بالإسلام وتطوّرت اللغة العربية بسبب الاختلاط ومرور الزمان، عرض لبعض الألفاظ التي كانت متداولة مأنوسة معروفة المعاني في عصر النزول أن صارت غريبة بعد ذلك في استعمال العامّة بعيدة عن فهمهم لمعانيها، ومازال ذلك يزداد يوماً فيوماً حتى سرى داؤه إلى بعض الخواصّ. إذن فيرجع في التفسير لمفردات ألفاظه الشريفة إلى ما يحصل به الاطمئنان والوثوق من مزاولة علم اللغة العربية والتدبّر في موارد استعمالها ممّا يعرف أنّه من كلام ________________________________ 1ـ سورة يونس: 32. 2ـ سورة الأنعام: 153. 3ـ الميزان في تفسير القرآن 1: 73، الطباطبائي. 4ـ الإتقان 4: 213، السيوطي. 5ـ راجع آلاء الرحمن 32- 35، الإمام البلاغي. 6ـ سورة عبس: 28- 31.