ـ(97)ـ وبعضها آكد من بعض"(1). القاعدة الثالثة: تفسير القرآن بالقرآن: الفحص البالغ عن الآيات التي لها صلة وارتباط وثيق بما يبحث عنه من المفاهيم والموضوعات القرآنية، سواء في جانب المفردات والتصوّرات، أو في جانب التراكيب والتصديقات، وهذا ما اشتهر بـ "تفسير القرآن بالقرآن" لـه أثر من أقدم العصور في تاريخ التفسير حتّى في عصر الرسول صلى الله عليه وآله والصحابة، وسنرجع إليه عند البحث عن نشأة التفسير وتطوّره؛ وفي هذا يقول الزركشي: "أحسن طريق التفسير أن يفسّر القرآن بالقرآن؛ فما أُجمل في مكان فقد فصّل في موضع آخر، وما اختُصر في مكان فإنّه قد بُسط في آخر"(2). وأصل هذا مروي عن الإمام علي عليه السلام حيث قال: "كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله"(3). ويقول العلامة الطباطبائي- وقد أخذ هذه القاعدة عمدة في تفسيره القيّم الميزان-: "وهذا من عجيب أمر القرآن، فإن الآية من آياته لا تكاد تصمت عن الدلالة ولا تعقم عن الإنتاج، كلما ضمت آية إلى آية مناسبة أنتجت حقيقة من أبكار الحقائق، ثمّ الآية الثالثة تصدقها وتشهد بها، هذا شأنه وخاصته، وسترى في خلال البيانات في هذا الكتاب نبذاً من ذلك"؛ ثمّ إنه بيّن السرّ في ذلك بقوله: "والوجه في ذلك أن الكلام إذا كان قائماً على أساس الحقيقة وينطبق المعنى عليها تمام الانطباق لم يكذب الحقائق الأُخر ولم تكذبه، فإنّ الحقّ مؤتلف الأجزاء ومتّحد ________________________________ 1ـ البرهان في علوم القرآن 2: 180، الزركشي. 2ـ المصدر نفسه: 175. 3ـ نهج البلاغة، الخطبة 133، الدكتور صبحي الصالح.