ـ(95)ـ القرآن في غاية الوضوح من جهة المفهوم، وإنّما التشابه في المراد منها وهو ظاهر. فالاختلاف ] في فهم القرآن [ كلّ الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية من مفردها ومركّبها، وفي المدلول التصوّري والتصديقي"(1). أُسس التفسير وقواعده: بديهي أنّ الهدف إذا كان أعلى، والعمل حيث كان أعظم وأرفع، فطريق الحصول عليه كان أصعب، وشروطه أكثر وأدقّ؛ والهدف من التفسير هو الوقوف على معاني كلمة الله العليا، وحقائق كتابه الذي? الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ?(2). وأنّه لديه تعالى عليّ حكيم، فبما أنّه نور إلهي معنوي فلا يستنير به إلاّ من أخلص دينه لله ونوّر قلبه بضياء العقيدة الحقّة والعمل الصالح، وحيث إنّه تعالى قد أفرغ القرآن في قالب العربية، فيتوقّف فهمه على معرفة العربية وقواعدها المختصّة بها، وإذ خاطب الله سبحانه بالقرآن أبناء البشر عموماً فقد بناه على أساليب المحاورة والمخاطبة المشتركة بين الإنسان، وعلى هذا يجب على المفسّر معرفة تلك الأساليب ومعانيها، وبما أنّه نزلت آياته نجوماً وعلى سبيل التدريج في مدّة ثلاث وعشرين سنة وفي ظروف وأجواء مختلفة، فينبغي ملاحظة جميع الآيات المتعلّقة بموضوع خاصّ أوّلاً، ورعاية الحوادث والمناسبات التي نزلت الآيات لمعاجلتها وبيان حكمها ثانياً. هذه إشارة عابرة إلى نماذج من الأُسس والقواعد التي لابدّ من معرفتها والاعتناء بها في تفسير القرآن الكريم، وها نحن الآن نأخذ بشيء من البسط والتفصيل فيها: القاعدة الأُولى: خلوص العقيدة وصفاء الباطن: القرآن هو أصل المعارف الإلهية ومصدر العلوم الربانية، ولا تهدف آياته إلاّ ________________________________ 1ـ الميزان 1: 9. 2ـ سورة هود: 1.