ـ(94)ـ على بعض الصحابة في ذلك عندما سمع قولـه سبحانه: ?الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ?(1)، فقال "أيّنا لم يظلم نفسه، فبيّن النبي صلى الله عليه وآله أنّ المقصود منه في هذه الآية هو الظلم على الله سبحانه، أي الشرك، واستدلّ عليه بقوله تعالى: ?إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ?(2). 5ـ قد يكون للّفظ معانٍ هي لوازم لما يظهر لـه من المعنى، مع أنّ الأفهام العادية تتوقّف غالباً دون المعنى الظاهر وتخفى عليها تلك اللوازم، وهذا ونحوه يحتاج إلى تبيين وتفسير، بالرجوع إلى شواهد من القرآن أو السنّة، أو العقل الصريح، وهذا ما اصطلح عليه في الروايات ببطون الآيات، كما سيوافيك بيانه. والى ما أشرنا يشير بعض المحققين بقوله: "إنّ القرآن إنّما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أمّا دقائق باطنه فإنّما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر، مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وآله في الأكثر، ونحن محتاجون إلى ما كان يحتاجون إليه وزيادة على ذلك ممّا لم يحتاجوا إليه من أحكامه الظواهر، لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلّم، فنحن أشدّ الناس احتياجاً إلى التفسير. ومعلوم أنّ تفسير بعضه يكون من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض"(3). وقال العلامة الطباطبائي: "وليس بين آيات القرآن آية واحدة ذات إغلاق وتعقيد في مفهومها بحيث يتحيّر الذهن في فهم معناها، كيف، وهو أفصح الكلام، ومن شرط الفصاحة خلوّ الكلام عن الإغلاق والتعقيد، حتّى أنّ الآيات المعدودة من متشابه ________________________________ 1ـ سورة الأنعام: 82. 2ـ صحيح البخاري 3: 128، 173. كتاب القرآن، سورة الأنعام ولقمان، طبعة دار المعرفة، الجزء 3. 3ـ الإتقان 4: 196.