ـ(93)ـ البهاء والبهجة، وللتراكيب أفانين ومناهج يستطرفها أرباب البلاغة بما يختارون لها من الألفاظ وبديع الكنايات ولطائف الاستعارات والمجازات. والقرآن- كما نعلم- أُنزل بأرقى مراتب البلاغة، ومن هنا كان معجزاً في نظمه وأُسلوبه، حيث تحدّى النبي صلى الله عليه وآله البُلغاء بمعجز بلاغته، فعجزوا حتى عن الإتيان بسورة مثله. وإذ كانت العقول متفاوتة فيما رُزِقَته من الإدراك في فهم أسرار البلاغة وبدائع النظم والأسلوب فلابدّ إذن من الرجوع إلى الراسخين في العلم لتمحيص ذلك. 2ـ إنّ في القرآن آيات محكمات هُنّ أمّ الكتاب وأُخر متشابهات، وفيه ناسخ ومنسوخ، ومجمل ومبيّن، وعامّ وخاصّ، وأحكام وفرائض، وقصص ومواعظ، وحكم وأمثال، وما أشبه ذلك؛ فما كان راجعاً إلى الأخبار والمواعظ فاللفظ دالّ بظاهره على معناه، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يأخذونه منه بما يفهمون يوم كانت ملكة اللسان عند العرب لا يرجع فيها إلى كتاب أو نقل، بل كانت فطرية، حتى إذا فسدت اللغة بمخالطة الأعاجم، وبعد زمن العرب عن أهل اللسان المخاطبين بالقرآن نُسي ذلك واحتيج إلى علم التفسير. 3ـ وما كان راجعاً إلى الفرائض والسنن والناسخ والمنسوخ وأمثال ذلك، فلابدّ فيه من التماس بيان من نصوص الكتاب وظواهره، أو نصوص وظواهر من السنّة الشريفة، وهذا كلّه يحتاج إلى فحص وتحقيق؛ وعلم التفسير كافل لذلك أيضاً. 4ـ قد يكون لمعنى اللفظ ومدلوله مصاديق أو مراتب مختلفة، وفي مثل ذلك أيضاً لابدّ من بيان ما هو المقصود من معنى اللفظ؛ فمثلاً إنّ لفظ الظلم لـه معنىً واحد وهو واضح لا سترة عليه، إلاّ أنّ لـه مصاديق شتّى من الظلم على النفس، أو على إنسانٍ آخر، أو موجود حيّ غير الإنسان، أو على المولى سبحانه، فقد يشتبه المقصود منه كما اشتبه الأمر