ـ(89)ـ الآيات القرآنية، والكشف عن مقاصدها ومداليلها"(1). متى نشأ هذا الاصطلاح ؟ لم ترد لفظة التفسير إلاّ في آية من الكتاب المجيد. قال سبحانه: ?وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا?(2). واضح أنّ التفسير في الآية ليس بالمعنى المصطلح، بل بمعناه اللغوي، أعني الكشف والبيان. والمقصود أنّ المشركين لا يأتونك بمثل يضربونه لك في إبطال أمرك ومخاصمتك إلاّ جئناك بالحقّ الذي يدحضه، وبأحسن تفسير ممّا آتوا به من المثل(أي بالبيان والكشف) فإنّ ما أتوا به إمّا باطل محض فالحقّ يدفعه، أو حقّ محرّف عن موضعه فالتفسير الأحسن يردّه إلى مستواه ويقوّمه(3). وحمل الزمخشري المثال في الآية على السؤال الباطل الذي هو مثل في البطلان، والمعنى لا يأتونك بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة- كأنّه مثل في البطلان- إلاّ أتيناك نحن بالجواب الحق الذي لا يحيد عنه وبما هو أحسن معنىً ومؤدّىً من سؤالهم، وكان التفسير هو التكشيف عمّا يدلّ عليه الكلام، وضع موضع معناه، فقالوا: تفسير هذا الكلام كيت وكيت، كما قيل: معناه كذا وكذا(4). نعم حقيقة التفسير أعني بيان معاني الآيات القرآنية واردة في القرآن. قال سبحانه: ?بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ?(5). ________________________________ 1ـ الميزان في تفسير القرآن 1: 4، طبعة منشورات الأعلمي. 2ـ سورة الفرقان: 33. 3ـ مجمع البيان في تفسير القرآن 7 - 8: 170، طبعة دار إحياء التراث العربي، والميزان في تفسير القرآن 15: 212. 4ـ الكشاف 3: 279، طبعة دار الكتاب العربي. 5ـ سورة النحل: 44.