ـ(77)ـ المحدث بهذا المعنى ممن اتفق عليه الفريقان: الشيعة والسنة، ولو كان هناك خلاف فإنما هو في مصداقه. وقبل ذلك نجد المحدث في الأُمم السالفة، فهذا صاحب موسى كان محدثاً، فقد أخبره عن مصير السفينة والغلام والجدار على وجه جاء في سورة الكهف(1) فهو لم يكن نبيّاً، ولكنه كان عارفاً بما سيحدث، وقد عرفه بإحدى الطرق المذكورة. وهذه مريم البتول، كانت الملائكة تكلمها وتحدثها ولم تكن نبيّة، قال سبحانه: ?وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ?(2). وقال سبحانه: ?إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ?(3). وهذه أم موسى يلقى في روعها ويوحى إليها ولم تكن نبية، قال سبحانه: ?وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ?(4). وأما السنة النبوية ففيها تصريح بأن في الأُمة الإسلاميّة- نظير الأمم السالفة- رجالاً يكلّمون من دون أن يكونوا أنبياء؛ واليك بعض هذه النصوص: 1ـ أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال النبي: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أُمتي ________________________________ 1ـ من الآية: 60- 82. 2ـ سورة آل عمران: 42. 3ـ سورة آل عمران: 45. 4ـ سورة القصص: 7.