ـ(70)ـ فمن عزل العقل عن الحكم في ذلك المجال، فقد قصرت فكرته عن تقديم أيّة حلول لهذه الأحكام، وما ذكرناه نماذج لما للعقل من دور، وإلاّ فالأحكام المستنبطة من العقل في مجالات مختلفة أكثر من ذلك. ب- إن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد عند العدلية: إن من أمعن في الكتاب والسنة يقف على أن التشريع الإسلامي تابع لملاكات، فلا واجب إلاّ لمصلحة في فعله ولا حرام إلاّ في اقترافه، ويشهد بذلك كتاب الله في موارد: يقول سبحانه: ?إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ?(1) فالآية تعلل حرمة الخبيثين باستتباعهما العداوة والبغضاء وصدهما عن ذكر الله، يقول سبحانه: ?اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ?(2). إلى غير ذلك من الآيات التي تصرّح بملاكات الأحكام. وقد تظافرت النصوص عن أئمة أهل البيت عليهم السلام على أن الأحكام الشرعية تخضع لملاكات؛ قال الإمام الطاهر علي بن موسى الرضا عليه السلام: "إن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلاً ولا شرباً لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلاّ ما فيه الضرر والتلف والفساد"(3). وقال عليه السلام في الدم: "انه يسيء الخلق و يورث القسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة، ولا يؤمن أن يقتل ولده ووالده"(4). وهذا باقر العلوم وإمامها عليه السلام يقول: "إن مدمن الخمر كعابد وثن، ويورثه الارتعاش، ويهدم مروته ويحمله إلى التجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب ________________________________ 1ـ سورة المائدة: 91. 2ـ سورة العنكبوت: 45. 3ـ مستدرك الوسائل 3: 71، النوري. 4ـ بحار الأنوار 62: 165، الحديث 3، المجلسي.