ـ(67)ـ الوجه الأول: إن النبي الأكرم ترك بين الأُمة الكتابَ والعترة وعرفهما إليها، وقال لن تضل الأُمة مادامت متمسكة بهما. فإذا كانت الهداية تكمن في التمسك بهما، فالأُمة الإسلاميّة في غنى عن المهمة التبليغية، إذ مهمتها موجودة بالتمسك بهما، فالعترة الطاهرة مشاعل الحق ومنارات التوحيد، أغنت الأُمة علومُهم وتوجيهاتُهم عن بعث رسالات الله، وهذا إجمال الكلام في أئمة أهل البيت عليهم السلام. والتفصيل موكول إلى محله. الوجه الثاني: إن علماء الأُمة المأمورين بالتبليغ بعد التفقّة أغنوا الأُمة عن أي نبوة تبليغية، قال سبحانه: ?فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?(1). وقال سبحانه: ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر...ِ?(2). السؤال الثالث: لماذا حرم الخلف من المكاشفة الغيبية والاتصال بعالم الغيب واستطلاع ما هناك من المعارف والحقائق؟ الجواب: أن الفتوحات الغيبية من المكاشفات والمشاهدات الروحية لم يوصد بابها، وإنّما أوصد باب خاص وهو باب النبوة الذي يحمل الوحي التشريعي أو التبليغي. قال سبحانه: ?سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ?(3). فالفتوحات الباطنية من المكاشفات والالقاءات في الروع مسدودة بنص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ?يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ?(4). ________________________________ 1ـ سورة التوبة 122. 2ـ سورة آل عمران: 104. 3ـ سورة فصلت: 53. 4ـ سورة الأنفال: 29.