ـ(64)ـ 2ـ الانتماء إلى اليهودية والنصرانية مفتاح الجنة: لقد كانت اليهود والنصارى تبثان وراء فكرة الشعب المختار فكرة أُخرى، وهي: إن الجنة نصيب كلّ من ينتسب إلى بني إسرائيل أو من يُسمّى مسيحيّاً ليس إلاّ، وكأنَّ الأسماء والانتساب مفاتيح للجنة، قال سبحانه ناقلاً عنهم: ? وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى?(1). ولكن القرآن يرد عليهم ويقول: ?تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ _ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ?(2). فإنّ قولـه سبحانه ?بَلَى مَنْ أَسْلَمَ? يعني الإيمان الخالص، وقوله: ?وَهُوَ مُحْسِنٌ? يعني العمل وفق ذلك الإيمان، وكلتا الجملتين تدلاّن على أن السبيل الوحيد إلى النجاة يوم القيامة هو الإيمان والعمل، لا الانتساب إلى اليهودية والنصرانية، فليست هي مسألة الأسماء، وإنّما هي مسألة إيمان صادق وعمل صالح. 3ـ الهداية في اعتناق اليهودية والنصرانية: وهذا الزعم غير الزعم الثاني؛ ففي الثاني كانوا يقتصرون في النجاة بالانتماء إلى الأسماء، وفي الأخير يتصورون أن الهداية الحقيقية تنحصر في اعتناق اليهودية أو النصرانية ?وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ?(3). والقرآن الكريم يردّ هذه الفكرة كما سبق، ويقول أن الهداية الحقيقة تنحصر في الاقتداء بملة إبراهيم واعتناق مذهبه في التوحيد الخالص، الذي أمر الأنبياء بإشاعته بين أممهم، قال سبحانه: ?قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ?(4). وفي آية أُخرى: ?مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ ________________________________ 1ـ سورة البقرة:111. 2ـ سورة البقرة:111 - 112. 3ـ سورة البقرة: 135. 4ـ سورة البقرة: 135.