ـ(56)ـ فمجموع الآيات يركز على أمر واحد، غلق باب النبوة وأبدية الشريعة الإسلاميّة. هذه هي النصوص، ومع ذلك ففي القرآن إشارات إلى الخاتمية بعناوين أُخرى نشير إلى بعض منها: الأُولى: ?أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ _ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ?(1). إن دلالة قولـه سبحانه: ? وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ...? على أيصاد باب الوحي إلى يوم القيامة واضحة بعد الوقوف على معنى الكلمة، فإنّ المراد فيها الدعوة الإسلاميّة، أو القرآن الكريم وما فيه من شرائع وأحكام، والشاهد عليها الآية المتقدمة، حيث قال سبحانه: ?وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ?. فالمراد من قولـه: ?أنزلَ إليكُمُ الكتابَ? هو القرآن النازل على العالمين، ثمّ يقول: بأن الذين آتيناهم الكتاب من قبلُ كاليهود والنصارى إذا تخلّصوا من الهوى يعلمون أن القرآن وحي الهي كالتوراة والإنجيل، وأنه منزل من الله سبحانه بالحق، فلا يصحّ لأي منصف أن يتردد في كونه نازلاً منه إلى هداية الناس. ثمّ يقول في الآية التالية: ? وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ? بظهور الدعوة المحمدية، ونزول الكتاب المهيمن على جميع الكتب، وصارت مستقرة في محلّها، بعدما كانت تسير دهراً طويلاً في مدارج التدرج بنبوة بعد نبوة وشريعة بعد شريعة(2). وهذه الكلمة الإلهية- أعني الدعوة الإلهية المستوحاة من القرآن الكريم- صدقٌ لا يشوبه كذب، وما فيه من الأحكام من الأمر والنهي، عدل لا يخالطه ظلم، ولأجل تلك ________________________________ 1ـ سورة الأنعام: 114- 115. 2ـ الميزان 7: 338، الطباطبائي، ومجمع البيان 2: 354، الطبرسي.