ـ(49)ـ هذا والبراهين على عالمية دعوته كثيرة لا مجال لذكرها. نعم ربما قد تظهر بعض المغالطات من النصارى القدامى في هذه النقطة؛ حيث حاولوا تحجيم أمر الرسالة وتخصيصها بمكان وعنصر خاصين، وليس الشبهات قابلة للذكر كيف وبيانات القرآن وخطاباته للبشر كافة ومواثيق الرسول ودعواته المتجاوزة حدود الجزيرة العربية، واجتياح جيوش المسلمين ورجالهم أرض غير العرب واستقرار الأُمة الإسلاميّة في أكثر مناطق المعمورة بل معظمها يوم ذاك، أبطلت هذه المغالطات وجعلتها في مدحرة البطلان، ولذلك نعود إلى الملمح الثاني من ملامح الشريعة الإسلاميّة، في بحثنا وهو خاتميتها. الخاتمية في الذكر الحكيم اتفقت الأُمة الإسلاميّة على أن نبيها محمد صلى الله عليه وآله خاتم الأنبياء، وأن شريعته خاتمة الشرائع وكتابه خاتم الكتب والصحف، فهو آخر السفراء الإلهيين؛ أوصد به باب الرسالة والنبوة، وختمت به رسالات السماء إلى الأرض. ولنقف على ما يراد من خاتمية الإسلام وقفة يسيرة حتى نفسر معناها. إن الكتاب العزيز صدع بوحدة الشرائع السماوية جوهراً، ويقول:?إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ?(1). وظاهر الآية هو أن الدين عند الله- لم يزل ولن يزال- هو الإسلام على طول القرون والأجيال، ويعاضده قولـه سبحانه: ? وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ ________________________________ 1ـ سورة آل عمران: 19.