ـ(488)ـ قال ابن النجيم في مبحث سنن الوضوء ما لفظه: "إنّ السنّة ما واظب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عليه، لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل السنّة المؤكّدة، وإن كانت مع الترك أحياناً فهي دليل غير مؤكدة، وإن اقترنت بالإنكار على من لم يفعله فهي دليل غير مؤكدة، وإن اقترنت بالإنكار على من لم يفعله فهي دليل الوجوب"(1). وهذا البيان يعطي نفس المصطلح الذي ذكرناه أوّلاً في تخميس الأحكام التكليفية وجعل السُنّة في دائرة المستحبّ على ذلك الاصطلاح. ولكن العلاّمة الحصكفي وهو من كبار فقهاء الأحناف يقول في حكم الآذان: "هو سنّة مؤكدة هي كالواجب في لحوق الإثم"(2). فهذا الكلام يجعل السنّة المؤكّدة في إطار الواجب من ناحية الضابط، حيث رتّب على تركه الإثم. وهكذا أسهب ابن عبادين في الكلام عند شرحه در المختار فقال: "اعلم إنّ المشروعات أربعة أقسام فرض وواجب وسنّة ونفل؛ فما كان فعله أولى من تركه مع منع الترك إن ثبت بدليل قطعي ففرض أو بظنّ واجب وبلا منع الترك أن كان ممّا واظب عليه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أو الخلفاء الراشدون من بعده فسنّة وإلاّ فمندوب ونقل، والسنّة نوعان سنّة الهدى، وتركها يوجب إساءة وكراهية كالجماعة والأذان والإقامة ونحوها، وسنّة الزوائد وتركها لا يوجب ذلك كسَيْر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في لباسه وقيامه وقعوده والنقل ومنه المندوب يثاب فاعله ولا يسيء تاركه". ويتابع كلامه في سطور ثمّ يقول: "سنّة الهدى وهي السنن المؤكدة القريبة من الواجب التي يضلَّل تاركها، لأنّ تركها استخفاف بالدين..."(3). _______________________________________ 1 ـ البحر الرائق 1: 17. 2 ـ در المختار 1، الموجود مع شرحه رد المختار: 383. 3 ـ رد المختار 1: 70.