ـ(487)ـ ولا تحريماً، فهذا القسم يسمّى مباحاً بالمعنى الأخص. 4ـ ما نهى الشارع عن فعله مع الرخصة فيه، أي أنّ الفاعل لـه غير آثم في فعله، فالنهي هنا تنزيهي غير تحريمي، فيسمّى هذا القسم مكروهاً بالمعنى الأخص وتركه سنّة. 5ـ ما نهى الشارع عن إتيانه ولم يسمح بفعله من غير عذر، فهذا القسم يسمّى حراماً وقد يعبّر عنه بالكراهة التحريمية. وعلى كل حال لا بدّ أن نعلم بأن الأحكام الأربعة غير المباح قد تكون لها درجات في الوجوب والاستحباب والكراهة والتحريم، فهناك واجبات مؤكّدة ومحرّمات شديدة، بينما يكون بعض الواجبات والمحرّمات أخفّ وجوباً وتحريماً، كما نستشفّ ذلك من العقوبات المقررة للمتخلفين؛ فإنّ زنا المحصن بذات محرم أشدّ عقوبة وآكد تحريماً من زنا غير المحصن بغير ذات المحرم وهكذا، وللتعبير عن مدارج الوجوب والحرمة عبارات قد التقط كثير منها من الأحاديث والآيات المغلظة والشديدة وغيرها، لا نطيل البحث عنها وإنّما نركّز هنا بالذات على مصطلح السنّة في هذا الحقل من أنّها بمعنى المستحب، أي ما يقابل الواجب والحرام والمباح بدرجات شتّى في الشدّة والضعف. وهذا المصطلح دارج في الأوساط الفقهية عند المذاهب الإسلاميّة. ثمّ إنّ للأحناف هنا اصطلاحاً خاصّاً قد يلتقي مع ما بيّناه آنفاً ، كما أنّهم قد صنّفوا الأحكام إلى أكثر ممّا ذكرنا، فقالوا: ما ثبت بالكتاب أو بدليل قطعي فهو فرض، وما ثبت بالسنّة والأدلة الظنّية فهو واجب، ثمّ كلّما واظب عليه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فهو سُنّة مؤكّدة لا يسمح في تركها من غير عذر، وهنا تختلف عبارات فقهاء الأحناف، فبعضها تفيد دخول هذا القسم في الواجب بالمصطلح الغابر وبعضها تفيد دخوله في المستحب (المؤكّد). وإنّما نأتي هنا بنموذج من العبارات كي نحصل على فكرة من ذلك: