ـ(486)ـ والبدعة بتقليدهم مذاهبهم وعلماءهم. وهذا الخطأ في مصداق البدعة والسنّة قد أسفر عن قتل المسلمين وتشريد بعضهم بعضاً، وانصرف نزاعهم مع أعدائهم إلى أخوتهم؛ بينما يأمر الإسلام بحسن الظنّ وحمل عمل المسلم على الوجه الأحسن؛ وحسب أحاديث كثيرة وآراء فقهية أصيلة لا يجوز نسبة الكفر إلى من انتحل كلمة التوحيد إلاّ بحجّة قاطعة. وقد تعرّضنا للبحث عن هذا الموضوع في المجاميع الفقهية والكلامية عند البحث عما يوجب الارتداد والخروج عن الدين، وعند البحث عن حدّ المرتد وغيرهما من الموارد التي لها صلةٌ بالموضوع. السنّة في إطار الفقه: هناك مصطلح آخر للفظة "السنّة" وهو حينما يستعمل في لغة الفقهاء وفي إطار الفقه، فإنّها قد ترادف المستحب بمعنى ما لا يأثم تاركه وإن كان فعله مرغوباً فيه ومأموراً به، وبعبارة أخرى ما يرجح جانب وجوده على جانب عدمه، ترجيحاً ليس معه المنع من النقيض (1)؛ إذ إنّ الأفعال الاختيارية الصادرة من المكلف لا تخلو من حالات خمس: 1ـ ما يجب فعله وهي الأفعال التي أمر الشارع بإتيانها ولم يسمح بتركها لغير المعذور فيأثم المكلف بتركها عمداً. 2ـ ما أمر الشارع بإتيانه مع الرخصة في الترك فهذا القسم يعتبر مستحباً قد يعبر عنه بالمندوب أو السنّة، فباعتبار أنّ الرسول وأهل بيته وأصحابه كانوا يلتزمون به يعتبر سنّة، وباعتبار أنّه المندوب إليه يُعبّر عنه بالمندوب أو المستحب. 3ـ ما يكون الفعل والترك مساوياً، أي أنّ الشارع لم يأمر به ولم ينه عنه لا تنزيهاً _______________________________________ 1 ـ إرشاد الفحول: 22.