ـ(442)ـ ثانيا: إخضاع الآراء الاجتهادية لمقاييس علمية، وتشجيع البحوث التي تعلِّق على هذه الاجتهادات، سواء كانت مؤيّدة أو معارضة لإثراء الحوار العلمي بما يبديه العلماء من أفكار. ثالثاً: اعتبار الهيئات الاجتهادية بعيدة عن التأثيرات الخارجية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، لكي يظلّ الاجتهاد في موطن الثقة والاحترام. رابعاً: الاهتمام بركن العدالة بمفهومها الأوسع باعتبارها شرطاً أساسياً من شروط الثقة بالمجتهد والاطمئنان إلى رأيه، فمن انعدمت الثقة في اجتهاده لانتفاء صفة العدالة فيه فلا يؤخذ برأيه. خامساً: اعتماد المنهج العلمي في دراسة القضايا الفقهية التي تحتاج إلى خبرة أهل الاختصاص من أهل العلم والمعرفة، سواء في القضايا الطبيّة أو في المسائل التجارية والمعاملات المادّية. ولا شكّ أنّنا نحتاج في مثل هذه المواقف إلى تجاوز التعصّب المذهبي، والنظر إلى مختلف الآراء الفقهية بمعيار موضوعي تحكمه الأدلة وتؤكّده، رغبة في الوصول إلى الرأي الأقرب لمقاصد الشريعة وأهدافها في رعاية مصالح الخلق ودرء المفاسد. والتعصّب ظاهرة سلبية نشأت في عصر الركود الفقهي، ونمت في ظلّ نمو صراعات جِهَوية وقومية وسياسية ومذهبية، وهذه الظاهرة لم تكن مألوفة في عصر السلف ولم تكن مقبولة نظراً لما تمثّله من خطر على وحدة المسلمين ولما تجسّده من رؤية فكرية ضيقة، وأكّد الإمام الغزالي في معرض حديثه عن آداب المناظرة أن يكون المناظرُ طالباً للحقّ، وطالب الحقّ ينشد ضالّته أينما كانت واعتبر من آفات المناظرة الفرح بالإساءة للخصم والاستكبار عن الحق. وحفل تاريخنا بمناظرات بين علماء السلف وكانت مجالس المناظرة من أروع