ـ(441)ـ وفكرها وثقافتها وكيانها. والإسلام يضيق بعقلية الجمود والركود، لأنّ مناهجنا الأصولية فتحت أمامنا أبواب الإضافة، لكي نجسّد قدرة فكرنا على التوسّع والامتداد، والاجتهاد أداة التجديد، والتجديد الذي نريده ليس تجديد التغريب وتجديد الهدم، وإنّما هو تجديد التأصيل والتصحيح، لكي يكون منهجنا امتدادا لمناهج عصر السلف، حيث ازدهرت الحركة الفقهية، وتعدّدت المناهج الاجتهادية وتكاثرت مدارس التفسير، وتنافست في سبيل الدفاع عن حرّية الرأي ومنهجية التفسير والتأويل. ونظرة سريعة إلى تاريخ فكرنا الإسلامي، ونشأة مدارسنا العلمية في التفسير والفقه، تؤكّد لنا أنّ ذلك العصر كان يمثّل العصر الذهبي في تاريخنا العلمي، وفيه نشأت المدارس وتعددت المذاهب وتنافس العلماء في التأليف والتصنيف وأبدعوا في العلوم والمعارف، وما ضاقت مدرسة بأخرى، وبالرغم ممّا لحق العلماء من محن متلاحقة فقد ظلّت آراؤهم وأفكارهم في موطن الاحتضان والاحترام. والدعوة إلى الاجتهاد لا تعني الفوضى في إبداء الرأي والعبث بأحكام الشريعة، والتجرّؤ على النصوص بالفهم السقيم، فهذا منكر لا يقال به، ويجب أن تقترن الدعوة إلى الاجتهاد بالدعوة إلى وضع ضوابط دقيقة، تسهم في التخفيف من الآثار السلبية لما يمكن أن تؤدّي إلية حرّية الرأي من أخطار. ضوابط الاجتهاد: وأهّم هذه الضوابط ما يلي: أوّلاً: تشجيع الاجتهاد الجماعي الذي يبرز على شكل اجتهادات صادرة من هيئات علميّة مختصّة، تملك ناصية البحث العميق والفهم السديد.