ـ(428)ـ وفي هذا الصدد ولتأكيد ضرورة حسن الظنّ بالمسلم، قَطَعَ الرسولُ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم الطريق على غير المتأثمين والمتحرّجين عندما قال: كما في الصحيح عن أبي ذرt عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: قال لي جبرائيل: "مَن ماتَ مِن أُمتكَ لا يُشرك بالله شيئاً دخل الجنة، أو لم يدخل النار. قلتُ أي أبا ذر: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق"(1). وقد عقّبَ السيّد شرف الدين على هذا الحديث قائلاً: "الظاهر أنّ الزنا والسرقة - كما في بعض الروايات هنا - كناية عن مطلق الكبائر، فيكون المراد أنّ من ماتَ على التوحيد دخل الجنة أو لم يدخل النار وإن ارتكب الكبائر على حدّ قوله في الحديث السابق، وهو حديث عبادة (2)، على أنّ عصاة المؤمنين يُعذّبون يوم القيامة على قدر ذنوبهم ثمّ ينالون الكرامة، ثمّ قال: فالأخبار الحاكمة بنجاة أهل القبلة على ما كان من العمل ليست ناظرة إلى أنّ العصاة منهم لا يرون العذاب أصلاً، وإنّما المراد أنّهم لا يخلدون في النار"(3). والروايات مصرّحة بذلك: ففي البخاري عن أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: "يخرج من النار من قال: لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن شعيرة من خيرٍ، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن ذرة من خير"(4). _______________________________________ 1 ـ هناك روايات صحيحة كثيرة، تؤكّد هذا المعنى، فعن عبادة بن الصامت عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من شهد أنّ لا إله إلاّ الله وَحده لا شريك لـه، وأنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم عبده ورسوله، وأنَّ عيسى عليه السلام عبدُ اللهِ ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه والجنّة حقّ، والنار حقّ أدخله الله الجنّة على ما كان عليه من عمل. راجع التاج الجامع للأصول 1: 31، الشيخ منصور علي ناصف، قال: رواه الشيخان، وفسّر في غاية المأمول في الهامش: (ما كان عليه من عملٍ) بقوله: أي من المعاصي. 2 ـ نقلناه في الهامش، عن التاج الجامع 1: 31. 3 ـ الفصول المهمة: 28. 4 ـ صحيح البخاري، الميمنية: 10، 11.