ـ(427)ـ عليها بحالٍ من الأحوال، اللهم إلا في الموارد التي استثناها الشارع المقدس، وترك أمر تنفيذها وأجرائها إلى (ولي الأمر) كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: "لا يحلُّ دم امرئ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيّب الزاني والمفارق لدينه"(1) أي المرتّد. إنّ الإسلام لا يكتفي بتشديد الحرمة هنا في الموارد المذكورة، كما نبّه إلى ذلك الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم في الحديث الصحيح: عن ابن عمر قال: "قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو بمنى وقد أشارَ إلى مكة المعظمة: أتدرون أيَّ بلدٍ هذا؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلم. قال: فإنّ هذا بلدٌ حرام. أتدرونَ أيَّ يومٍ هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: إنّه يومٌ حرام. أتدرونَ أيَّ شهرٍ هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا شهر حرام، قال: فإنّ اللهَ حرَّمَ عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا"(2). نعم إنّ الإسلامَ كما يلاحظ الحفاظ على كيان المسلمين، ويأمرهم بالالتزام بتلك الفرائض، وينبّهُ إلى أنّ ذمّة المسلمين واحدة، وأنّ المسلم ليس معصوم الدم والعرض والمال فحسب بل إنّ ذمّته ورأيه محترمان عند المسلمين، كذلك يلاحظ الإسلامُ مسألة تزكية الشعور الداخلي وتطهيره من الظنون والأوهام، وإبعاده عن الوساوس والشكوك التي ربّما تقوده من حيث يدري أو لا يدري إلى رمي الآخرين بالضلال والكفر لأقلّ تهمةٍ وأدنى شبهة أو اشتباه؛ نعم وردت التحذيرات المؤكدة من أنّ ينطلق الإنسان المسلم مع هواه، أو يُطلق لسانه غير متحرّج فيصيب به من عباد الله، ومن إخوانه في الدين بما يثير الحميّة والفتنة، وقد قال تعالى ?وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ?(3). _______________________________________ 1 ـ التاج الجامع للأصول 3: 11 قال: رواه الخمسة. 2 ـ مختصر صحيح البخاري: 38، حديث رقم 61، كتاب العلم. 3 ـ سورة الأنفال: 25.