ـ(429)ـ وعلّق الشيخ منصور ناصف على مثل تلك الروايات المصرِّحة بدخول من قال: لا إله إلاّ الله الجنّة، بقوله: سُئل الزهري عن ذلك فقال: إنّما كان هذا في أوّل الإسلام قبل إنزال الشرائع والأحكام ترغيباً في الدين الحنيف، ثمّ قال أيضاً: والمراد بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم "إلاّ حرّمه الله على النار" هي نار الخلود وإلاّ عارضتنا الأدلّة الدالة على تعذيب العصاة، كقوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا?(1). ?وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ?(2). ?وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا?(3) وكذلك هنا أحاديث في أوّل كتاب الزكاة وكتاب الصلاة وكتاب الحدود كلّها تصرّح بتعذيب العصاة، فلا بدَّ من التأويل(4). وممّا يؤيّد مثل هذه التوجيهات للروايات، ويدلَّ على أهمّية الفرائض والأحكام ما جاء من رواية أخرجها الكليني في الكافي، قال: عن أبي جعفر عليه السلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام مَن شهِدَ أنّ لا إلهَ إلاّ الله، وأنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم رسول الله كان مؤمناً؟ قال: فأين فرائض الله؟ قال: وسمعته يقولُ: كان عليُّ عليه السلام يقول: لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام...(5). نعم إنّ مثل تلك الروايات المتظافرة دعت كبار الفقهاء والعلماء إلى عدم تجويز _______________________________________ 1 ـ سورة النساء: 10. 2 ـ سورة النساء: 14. 3 ـ سورة النساء: 93. 4 ـ غاية المأمول في شرح التاج الجامع للأصول، مطبوع في هامش التاج الجامع 1: 31، وراجع تجريد الاعتقاد للطوسي: 304، ط 1، تحقيق السيد الجلالي، نشر مؤسسة الإعلام الإسلامي، قم. 5 ـ أصول الكافي 2: 24.