ـ(391)ـ وما فيها من نقد، وبعد البحث والمقارنة تقدم إلى أهل العلم والاختصاص لتكون من مراجعهم، وتعرض بعد ذلك على الناس؛ وتكون للناس كافّة، لأنّ دين الله وعلوم القرآن وبحوث السنّة المشرّفة والفقه المستمدّ منهما هو لنفع الخلق كُلِّ الخلق. وأما الذي يجري - الآن - وما كان يجري قبل الآن ، من أخذ نُتَف من أدلة كلّ مذهب ومصادره وتجريدها من سياقها وعرضها مع شيء من التقديم والتعليق والبهرجة والتزيين وإثارة عواطف الذين لا علم عندهم في هذا الأمر أصلاً، فإنّه لا يؤدّي إلى نقد علمي، ولا إلى إقناع فكري، وما هو إلاّ التهويل والتهوين لأمر الله، ممّا يبعدنا عن الوحدة التي ندعي أنّنا نسعى إليها. الحديث ومصطلحاته: وإذا نظرنا إلى هذه الأُلوف المؤلفة من كتب الحديث ومصطلحه وشروحه، نجد أنّها تحقّقت من كلّ كلمة في الحديث، وحكمت عليه بما يناسبه من التواتر، أو الشهرة، أو الآحاد، وما هو عليه من الصحّة، أو الحسن أو الضعف أو الوضع، وفق قواعد ثابتة وموازين علميّة دقيقة؛ فكان منهم الاتفاق في الحكم على أكثر الأحاديث، وكان بينهم خلاف حول جزئيّات أو كلمات أو حروف في عدد قليل نسبياً من الأحاديث، وأما التباين الكلي، فإنّه قليل جدّاً قطعاً. ولذلك فإنّنا إذا جئنا اليوم لنعيد النظر في الأحاديث على معايير جديدة، فلن نصل إلى غير ما وصل إليه أسلافنا بالجملة إذا كنّا متقنين، وهل باستطاعتنا - اليوم - أنّ نتحلّى بما كان عند أسلافنا، أو نتخلّى عمّا ترسّب فينا من عكر الأيام والأزمان؟! وما أظنُّ أنّني بحاجة إلى أنّ أسرد عليكم ما في تلك الكتب من القواعد