ـ(39)ـ الدين السيوطي في آخر كتابه "الإتقان"، فبلغ ما يقرب من مائتين وخمسين حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: الذي صحّ من ذلك قليل جدّاً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلّة. وقد قام زميلنا الفاضل السيد محمد برهاني نجل العلاّمة المحدّث البحراني صاحب تفسير البرهان بجمع ما اُثر من تفاسير مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله، مرويّة عن طرق أهل البيت عليهم السلام فبلغ لحد الآن نحو أربعة آلاف حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله في التفسير، ولا يزال يزيد مادام العمل مستمراً، وفقه الله تعالى. وأما عهد الصحابة فلم يزل الأمر عن ذلك، كانوا مراجع الأُمة في فهم ما أُشكل من القرآن، وكان من الصحابة أربعة اشتهروا بعلم التفسير، وهم: علي بن أبي طالب- وكان رأساً وأعلم الأربعة- وعبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن عباس كان أصغرهم سنّاً وأوسعهم باعاً في نشر التفسير، وذلك لتفرغه لذلك دون من عداه. قال الإمام بدر الدين الزركشي: وصدر المفسرين من الصحابة هو علي بن أبي طالب ثمّ ابن عباس، وهو تجرّد لهذا الشأن، والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن عليّ، إلاّ أن ابن عباس كان قد أخذ عن علي عليه السلام(1). ثمّ يجيء دور التابعين ليتوسعوا في التفسير، توسعاً مطرداً مع الزمان ومتناسباً مع توسّع قطر الإسلام. وقد درج التفسير مدارجه إلى الكمال في هذا الدور، فأخذ يتشكل بعد أن كان مبعثراً، وينتظم بعد أن كان متقطّعاً منتثراً، ويزداد حجماً ويتوسع بعد أن كان محدوداً مقتصراً، وفوق ذلك أخذ الاجتهاد وإعمال الرأي والنظر والبحث والنقد يتسرب في التفسير، ويأخذ مأخذه في تبيين معاني القرآن الكريم. ________________________________ 1ـ البرهان 2: 175، الزركشي.