ـ(382)ـ صاحبه بالتشيّع، وظنّي إنّ عدم ذكر مؤرّخي الشيعة لترجمته ضمن أعلامهم راجع إلى تمسّك أسلافنا من أهل السنّة به وبكتابه والثناء عليه، وتوهّم الرشد في ذلك! والإمام ابن ماجه داخل ضمن هذا الإطار مع الإمامين الترمذي والنسائي. ومن الطريف أنّ نذكر هنا أنّ أصحاب السنن الأربعة كلّهم من بلاد فارس، والأفغان، وما وراء النهر! وكذلك غيرهم من أهل الحديث. وأما أبو داود صاحب أول كتاب في السنن، فإنّه تلميذ الإمام المبجّل أحمد بن محمّد بن حنبل، وعند أحمد من المواقف المؤيّدة للقواعد الكلية الموجودة في أُصول الفقه الشيعي أوائل أمره الشيء الكثير، وذلك قبل ظهور التعصّب لكلّ مذهب. وأما الرواة والروايات في السنن الأربعة عن سيّدنا علي وأصحابه - وحزبه إنّ كان لـه حزب غيرنا - فلا سبيل لحصرها ولو حرصنا، فلجميع أهل العلم والأخبار من الذين قاتلوا مع عليّ عليه السلام أحاديث في كتب السنن، ولن نسمح لأحد بالانفراد بعليّ وآله عنّا، للولاية التي نُقرّ أصلها لجميع المؤمنين. محاولات تهديم السنّة: ولمّا كانت السنّة في المكان السامي من شرع الله ودينه، مع القرآن الكريم كلام الله جلّ وعلا، وكان التمسّك بها هو العاصم من الضلال والهلاك. و(رواية "أهل بيتي" تدخل في السنّة والحديث في نهاية الأمر). لذلك استهدفها المشكّكون بهذا الدين، الطاعنون في شريعة الإسلام قديماً وحديثاً، وكان للمستشرقين وأتباعهم الباع الطويل، والدور البارز، والجهد الواسع، والدأب المتواصل(1). _______________________________________ 1 - من أمثال الشيخ محمود أبي رية صاحب كتاب "أضواء على السنّة المحمّدية". وهذه الأيام ظهرت نبتة جديدة هي نصر حامد أبو زيد يحمل ما عند الماضين والحاضرين! وقضيّة نصر حامد أبي زيد هذه لا تعدو في أصلها أنّ مدرساً تقدم ببحث عن أُصول الفقه عند الإمام الشافعي - زعم أنّه علمي - ليرتقي به في سُلّم الرتب الجامعية. وقامت لجنة من الأساتذة في تلك الكلية بدراسة البحث، كما هي العادة المتّبعة، وتبيّن لها أنّ البحث المقدّم أقلّ من أنّ يكون بحثاً علمياً ينال به مقدّمه الترفيع إلى الدرجة التي يريد، ووجدت في البحث التهجم السفيه على القرآن الكريم والسنّة النبوية، وتاريخ الصدر الأول، والدعوة إلى معاملة القرآن على أنّه أثر أدبي مثل الشعر الجاهلي وأساطير الأولين. وكان قرار الجامعة عدم ترفيع هذا المتهجم غير أنّ أبا زيد هذا أخذ تقرير اللجنة وأشاعه في الناس على أنّه عدوان على حرية الفكر - ولو قال: "الكفر" لكان أصدق!. وناصره اخرون فرُفع الأمر للقضاء فحكم بردّته، وقامت قيامة الكفر والإلحاد، وانتصر لـه المهوشون ممن لم يطلعوا على قوله، وبعضهم لو اطلعوا ما فهموا مراده لجهلهم في الموضوع. وجعلوا منه "طه حسين" جديداً و"سلمان رشدي شهيداً! والله غالب على أمره. وقد رافق كلّ ذلك الدسّ في أُصولنا ومصادرنا لتضليل الناس وإبعادهم عن مقوّمات حياتهم وإقامة قواعد دينهم وتأمين سعادتهم في دنياهم وآخرتهم: