ـ(378)ـ في أكثر من حديث ومنها: نضر الله امرأً سمع منّا حديثاً، فحفظه حتى غيره يبلغه (1). وممّا لا شكّ فيه فقد كان نصب أعينهم تجنّب مقالة السوء من الناس عنهم؛ فقد كان عندهم من الحياء ما يمنعهم من الوقوع فيما سقط به أعداء الإسلام من التهجّم على القرآن والحديث من غير دليل قديماً وحديثاً، وما نراه من بعض الناس في زماننا من الجرأة على الحقّ، ومنهم أُناس يُنسبون إلى أهل العلم، ويا للأسف. وفي هذه السنن الأربعة وغيرها من كتب الحديث الشريف الكثير الكثير من الصحيح، بل المتواتر، إذا اتّخذنا الميزان الأسهل والأقرب للصواب في تعريف التواتر. وأكثر ضعيفها قابل لأن يُجبر فيكون حسناً بل صحيحاً، وما كان ضعفه شديداً، فإنّه قليل وقليل جداً، وعلى المسلمين - كل المسلمين وبالأخصّ أهل العلم - الأخذ بهذه الكتب لأنّها المراجع المعتمدة قطعاً للأسباب الآتية: 1 - إنّها نقلت من رواتها ومدوّنيها إلى الصدر الأوّل من الصحابة بالسند الصحيح المتصل غالباً، وما لم يكن كذلك منه، استند إلى طرق أُخرى، أو اتُّفق على تركه. 2 - إنّ رواة هذه الكتب لم يكونوا من أهل الأهواء، ولا ممّن كان لهم في تفرقة المسلمين يد ولا سيف، ولا دواة، ولا قلم، ولا فعل ولا إشارة. 3 - إنّ أصحاب هذه الكتب الأربعة وباقي السنن والمسانيد والمصنّفات - مُذْ وجدت واعتمدها أهل السنّة - لم يكن عند من يقابلهم من الفرق الإسلامية الأخرى الرادّين لها - أو لبعضها - شيء من الأدلة المساندة لهذا الرد، ولم تقدّم ما يماثلها من الكتب المستندة إلى المنهج نفسه للكتب الأربعة وتنقل عن رواة من الفريقين. وهذه الكتب كانت تروي عن أصحاب تلك الفرق على قدم المساواة مع من _______________________________________ 1 - صحيح الجامع الصغير: 6763 - بترتيبي.