ـ(371)ـ سبحانه وسنة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وما ذاك على الله بعزيز. ? قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي $ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي $ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي$ يَفْقَهُوا قَوْلِي?(1). تمهيد: لا بدّ للباحث في الأمور التي كانت معتمد مذاهب الناس ومرتكز أدلّتهم واعتقادهم، من النظر في القواعد الأساسية التي بُُنيت عليها تلك المذاهب، وشكّلت أصولاً لكلّ فريق، وكيف كان اعتمادهم عليها، واختلافهم فيما بعدُ فيها، وما نتج عن ذلك من تبعات. ولا تبحث تلك الأمور إلاّ بتجرّد وإخلاص وبُعد عن التأثّر بالعصبية التي كانت في الماضي مسيطرة على تصرفات بعض منّا، ويجب أنّ يكون هذا النظرُ بعيداً أيضاً عن التحيّز للرأي المسبق لقسم من الأُصول، أو الرفض والتشنيج ضدّ القسم الآخر. وعلى هذا المعتمد وذاك المرتكز قامت الكتب الستّة في الحديث النبوي الشريف والسُّنة المطهّرة، التي سنتحدّث عنها، إذ إنّ مصنّفي هذه الكتب ما كانوا أصحاب هوىً، ولا أتباع فكرة مسبقة، وما عرفوا العصبية المذهبية مطلقاً، بل لم تكن شائعة في مجتمعنا المسلم أصلاً، وإنّما كان مثالهم مثال المؤرّخ والمسجل لما بين يديه من الحوادث والأخبار يتتبعها في مظانّها من أفواه الرواة الثقات، ويسجّلها بأمانة مشهودة ملموسة، ثمّ يُلقيها على مسامع الناس، من بعد أنّ يدوّنها في كتبه، ذاكراً السند ورجال كلّ خبر، ضمن معايير خاصّة به، أو ما كان منها محلّ اتفاق مع غيره من العلماء. ثمّ يضع المتن المنقول تحت البحث الدقيق المجرّد، فإذا وجد فيه علةً ظاهرة أو خفيّة _______________________________________ 1 - سورة طه: 25 - 28.