ـ(362)ـ ثوبه، فجذبه مروان، فارتفع وخطب، فقال أبو سعيد: فقلت لـه: غيّرتم والله. فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت: ما أعلم. فقال مروان: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة (1). تعقيب: مع كلّ ما ذكرناه ممّا قامت به الأُمّة من محاولات حفظ السنّة فإنّه قد حصلت ثغرات في هذا الميدان لا بدّ من ذكرها: أولاً: تأخّر تدوين السنّة ؛ من المعلوم أنّ تدوين السنّة لم يبدأ إلاّ في زمن عمر بن عبدالعزيز، أي بعد مرور قرن كامل على وفاة صاحب السنّة الشريفة صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد ترك هذا التأخير أرضيّة لتوسيع وتعميق حركة الوضع من جانب واختفاء بعض الأحاديث من جانب آخر (2). ثانياً: عدم التصدّي الحازم للوقوف بوجه حركة الوضع ؛ فلو كانت الأُمّة قد تصدت لحركة الوضع أكثر ممّا قامت به لضيّقت الخناق على هذه الحركة الشيطانية. ثالثاً: تأخّر حركة التوثيق ؛ من المعلوم أنّ العناية بتوثيق الرواة كانت موجودة منذ زمن الصحابة(3)، ولكنّها لم تبرز كحركة فاعلة إلّا في القرن الثاني الهجري (4)، ومن المعلوم كذلك أنّ حركة الوضع كانت قد بدأت في القرن الأول بحيث استطاعت أنّ تمدّ جذورها وتبدي ثمارها والقرن الأول لم ينته بعد(5) ومن هنا يعلم مدى الفجوة الزمنيّة الحاصلة بين حركتي الوضع والتوثيق. ولقد كان لهذه المدّة الزمنية بينهما الأثر الكبير في أنّ لا تتمكّن الحركة التوثيقية في إزالة كلّ رسوبات حركة الوضع وإن تمكّنت من أداء دورها _______________________________________ 1 - نقله صاحب حجّية السنّة عن البخاري: 50. 2 - أضواء على السنّة المحمّدية: 268 - 269. 3 - المصدر نفسه: 63. 4 - توثيق السنّة في القرن الثاني الهجري: 23. 5 - أضواء على السنّة المحمّدية: 118.