ـ(361)ـ أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يبق أحد سمعه منه غيره، فلمّا قدم الفسطاط أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري - وهو أمير مصر - فخرج إليه فعانقه وقال: دلّوني على عقبة، فأتى عقبة وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب، قال: حديث سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ستر المؤمن، فقال: نعم سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: "من ستر مؤمناً ستره الله يوم القيامة"، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة(1). المحاولة الثالثة: التثبّت في أخذ الحديث وفي التحديث به، وإليك نموذجاً لكلّ منهما. الأول: قال رجل لابن عباس: مالي لا أراك تسمع لحديثي، أحدّثك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا تسمع ؟! فردّ عليه ابن عباس: إنّا كنّا مرّة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله، ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلّا ما نعرف(2). النموذج الثاني: قال عمرو بن ميمون: اختلفت إلى عبدالله بن مسعود سنةً فما سمعته فيها يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا أنّه حدّث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فعلاه الكرب حتّى رأيت العرق يتحدّر عن جبينه ثم قال: إنّ شاء الله أمّا فوق ذلك أو قريب من ذلك، وأمّا دون ذاك (3). المحاولة الرابعة: التشدّد في تطبيق السنّة. وإليك نموذجاً على ذلك: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أنّه أنكر على مروان والي المدينة من قبل معاوية تقديم الخطبة على صلاة العيد، وجذبه من _______________________________________ 1 - نقله صاحب حجّية السنّة عن مفتاح الجنّة للسيوطي: 48. 2 - نقله صاحب توثيق السنّة عن صحيح مسلم بشرح النووي 1: 67 - 68. 3 - فتح الباري 6: 28.