ـ(359)ـ 2 - قال الإمام الرضا عليه السلام: إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذّة(1). ومن هنا يعلم سرّ تركيز مدرسة أهل البيت على إبراز جانب انتمائهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، الأمر الذي كان يرفضه سلاطين بني أميّة وبني العباس. وبالرغم من كلّ هذه المحاولات المضادّة فقد تمكنوا من إبراز هذا الجانب، ويمكن رؤية ذلك من خلال ما يحكي لنا التاريخ من أنّ الأكثر ومن جملتهم أئمّة المذاهب والمحدّثون كانوا يخاطبونهم بقولهم: "يا بن رسول الله". وقد كان الإمام الصادق عليه السلام قد وافته الفرصة أكثر من غيره لنشر السنّة وإحيائها. وقد كان يحدّث عنه آلاف المحدِّثين، وقد آنست آذان الناس كلمة: "قال رسول الله" على لسان الإمام وذلك لكثرة ترديده لهذه العبارة في مختلف لقاءاته مع الناس. ولم يكن يحدّث عن رسول الله إلاّ ويرى وجهه متغيّراً، بقول مالك متحدّثاً عن الإمام الصادق: إذا قال - أي الإمام عليه السلام - "قال رسول الله" أخضر مرّة واصفرّ أخرى حتّى ينكره من يعرفه. ويقول عنه كذلك: ما رأيته يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلاّ على الطهارة(2). هذا التصدّي العظيم لنشر أقوال الرسول الأعظم جعل من الإمام الصادق ملجأً لكلّ من يطلب الوصول إلى حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فهذا سفيان يطلب من الإمام الصادق عليه السلام أن يحدّثه بحديث خطبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مسجد الخيف، فقال الإمام عليه السلام دعني حتّى أذهب في حاجتي فإنّي قد ركبت فإذا جئت حدّثتك، فقال: أسالك بقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما حدّثتني قال فنزل.. وحدّثه بذلك الحديث (3). _______________________________________ 1 - أصول الكافي 1: 320. 2 - الإمام جعفر الصادق للجندي: 159. 3 - أصول الكافي 1: 403.