ـ(341)ـ وإنّ التقوى هي معيار التفاضل والتمايز والتفاوت، والتقوى هي اتّقاء كلّ ما هو سلبي، فهو معنى جامع لعمل المعروف وتجنّب المنكر، أي على المشروع والشرعي من الأسباب. وإنّ إسهام أفراد المجتمع حسب طاقاتهم في إيجاد التوازن الاجتماعي يشبه إسهام كلّ عضو من الأعضاء في حياة الجسد وحيويّته. ولعلّ هذه الحقيقة الاجتماعية والسنّة الحاكمة في العمران البشري - سنّة التوازن - هي التي جعلت مذهب الإسلام الاجتماعي لا ينكر حقيقة تميّز المجتمع إلى طبقات اجتماعية، مع تأكيد ضرورة الحفاظ على أن تكون العلاقة بينها عند مستوى العدل (التوازن). وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب إلى واليه على مصر الأشتر النخعي - والذي يُعدّ من قمم الوثائق الفكرية والسياسية والاجتماعية والإدارية في تراثنا الإسلامي - يقول: "وأعلم أنّ الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض فمنها جنود الله، ومنها كتّاب العامّة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة، ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة. فالجنود: حصون الرعية، وسبل الأمن، ثم لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج، ثم لا قوام لهذين الصنفين إلّا بالصنف الثالث من القضاة والعمّال والكتّاب، ولا قوام لهم جميعا إلّا بالتجار وذوي الصناعات". مقاصد الشريعة الإسلامية: يجب أن يعي الشباب المؤمن المتعلم مقاصد الشريعة الإسلامية، وهي: الحفاظ على النفس والدين والعقل والعرض والمال والحريّة، وأن ترشده العقلانيّة المؤمنة