ـ(336)ـ جميع مجالات العلم، وتشجيع الجامعات في مجالات البحث العلمي، وإرسال البعثات العلميّة إلى جميع أنحاء المعمورة، ليستقوا من معين المعرفة، وينهلوا من الموارد الثرة المتوفرة، على أن يحافظوا على كرامتهم وأخلاقهم واستقامتهم، ويعلموا أنّهم يمثلّون كرامة الإسلام وروعة الإيمان، وأن يأخذوا النافع الجيّد، والمعرفة العلمية المطلوبة ويعرضوا عن الغثّ والسقيم، ويكونوا مثالاً للعزّة والكرامة والإباء وليقلّصوا الفجوة بين ماضي المسلمين وحاضرهم؛ هذا الحاضر الذي ينطق بتراجعهم عن موقع الريادة، وتوقّفهم عن مواصلة العطاء في أخطر ميادين العلم والثقافة، واعتمادهم على غيرهم في أكثر ما يحتاجون إليه في معاشهم وأبنية مجتمعهم؛ ودخولهم تبعاً لذاك - مجتمعين أو متفرقين - في دوائر النفوذ السياسي والاقتصادي لدولٍ كبرى تحرص على استدامة تبعيّتهم لها، كما تحرص على اتّساع الفجوة بينهم. وإنّ عدم توفر الوحدة الاقتصادية بين الدول الإسلامية والتي يملك بعضها كمّياتٍ كبيرة جداً من البترول، وتقاعس بعض هذه الدول عن استخدام مواردها في سبيل تقدّم الأُمة الإسلامية أخّر الحصول على الاكتفاء العلمي الذاتي، وعرقل مواكبة التقدّم الحضاري والتقني. وها قد أوشك عصر النفط الذهبي أن ينقضي دون أن يبني المسلمون لأنفسهم في ظلّه حضارةً مستقرّة أو بنيةً أساسيّة، يمكن أن يقوم عليها هيكل اقتصادي قوي قادر على حماية الاستقلال السياسي والثقافي للأُمة. ولو أن تلك الجهود ورؤوس الأموال الكبرى، والعائدات المالية الضخمة توجهت إلى بناء مجتمع إسلامي جديد، يؤمن باستقلال إرادة المسلمين وتعمير أرضهم، والوقوف سدّاً منيعاً في وجه محاولات المستكبرين الحقيقيين؛ لتحويل الكيان الصهيوني إلى قوّة ردعٍ عظمى وسط العالم العربي الإسلامي لبلغنا غاية المراد.