ـ(325)ـ التزاحم بين الأحكام الشرعية، ومجال المصالح الطارئة في دائرة المباحات، أمّا في دائرة الأحكام الشرعيّة الإلزامية فلا يحقّ لـه تغيير الحكم إلا إذا تزاحم مع حكم شرعيّ آخر، فيدخل في مجال تشخيص الأهم عند التزاحم. وقسم منها يرجع إلى كيفيّة اختيار الأحكام المناسبة لملء منطقة الفراغ، حيث قلنا: إنّ اختيار الحكم المناسب لابدّ أن يكون في ضوء المفاهيم الإسلامية العامّة على شرحٍ مضى بيانه. وبعد وضع هذه الضوابط لا يبقى مجال أصلاً لإدخال التغيير والتعديل في الدين بالشكل المتوهّم. وأمّا التشخيص بين الأحكام الصادرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم بوصفه مبلِّغاً للشريعة الإلهية وبين الأحكام الصادرة عنه بوصفه وليّاً للأمر لمعالجة منطقة الفراغ بالنحو المناسب لمتطلبات ظروفه وزمانه، فقد قلنا: إنّه يتبع المباني والموازين الاجتهاديّة العامّة المطروحة في علم الفقه والأصول وليس لأحدٍ حقّ الرأي فيها إلا الفقيه المتخصّص في جميع موازين الاستنباط. ومنها: توهّم أنّ فكرة (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) تنافي مفاد الروايات الدالّة على أنّه (ما من واقعةٍ إلاّ ولله فيها حكم)(1). بدعوى أنّ هذه الفكرة تعني أنّ الله تبارك وتعالى ليس لـه حكم معيّن في دائرة ما يسمى بمنطقة الفراغ، في حين أنّ الروايات المشار إليها تؤكّد استيعاب الأحكام الشرعية الإلهية لجميع وقائع الحياة. ويمكن الإجابة عن هذا التوهّم بوجهين: الأوّل: إنّ هذه الروايات إنّما دلّت على أصل استيعاب الأحكام الشرعية لجميع وقائع الحياة، وهذا صحيحٌ، غاية الأمر أنّ بعض الأحكام الشرعية تعلّق بوقائع الحياة _______________________________________ 1 - أصول الكافي 1: كتاب فضل العلم: باب الردّ إلى الكتاب والسنّة.