ـ(326)ـ بصورة مباشرة وبعضها تعلّق بها بصورة غير مباشرة، والأحكام التي تصدر من وليّ الأمر لملء منطقة الفراغ تكون من القسم الثاني، بمعنى أنّها أحكام شرعيّة غير مباشرة، لأنّ الله تبارك وتعالى لم يأمر بصورة مباشرة بما أمر به وليّ الأمر، لكنّه أمر بطاعة وليّ الأمر في كلّ ما يأمر به، وهذا يكفي لإسناد تلك الأحكام إلى الله تبارك وتعالى ويتمّ به استيعاب الأحكام الشرعية لجميع وقائع الحياة. والثاني: إنّ وقائع الحياة التي هي في دائرة منطقة الفراغ ستكون مشمولة للأحكام الشرعية الإلهية بعنوانين، هما: العنوان الأوّلي والعنوان الثانوي. توضيح ذلك: إنّ ما يأمر به وليّ الأمر - كدفع الضريبة أو الالتزام بنظامٍ معيّنٍ في المرور أو نحو ذلك - يكون مباحاً شرعاً في حدّ ذاته، وإنّما يصبح واجباً بعنوان كونه طاعةً لوليّ الأمر، فهو بعنوانه الأوّلي محكوم شرعاً بحكم الإباحة، وبعنوانه الثانوي - وهي عنوان كونه طاعةً لولي الأمر - يكون محكوماً شرعاً بحكم الوجوب؛ فكما أنّ (الكذب) مثلاً بعنوانه الأوّلي حرامٌ ولكنه إذا اتّصف بعنوان (طاعة وليّ الأمر) يصبح واجباً بسبب هذا العنوان، وتلك الإباحة وهذا الوجوب كلاهما شرعيان وصادران من الله تبارك وتعالى، وفي مثل هذه الحالات يكون حكم العنوان الأوّلي نافذاً ما لم ينطبق عليه العنوان الثانوي، فإذا انطبق عليه العنوان الثانوي سقط حكم العنوان الأوّلي وأصبح حكم العنوان الثانوي نافذاً، وهو حكم شرعي صادر من الله تبارك وتعالى، وبهذا اللحاظ تكون الأحكام الشرعية الإلهية شاملةً للوقائع التي هي في دائرة منطقة الفراغ، سواء قبل صدور الأمر بها من قبل وليّ الأمر أو بعد صدور الأمر بها من قبله، أما قبل صدور الأمر بها من قبله؛