ـ(322)ـ من الماء والكلأ. وهذا يدعو أيضاً إلى حمل ذلك النهي على الحكم الصادر بالولاية لملء منطقة الفراغ، فكأنّ مجتمع المدينة المنوّرة وقتئذٍ كان بحاجة شديدة إلى إنماء الثروة الزراعية والحيوانية، فمارس النبي صلّى الله عليه وآله وسلم صلاحيّته في ملء منطقة الفراغ حسب مقتضيات الظروف، وإلزام أهل البادية ببذل ما يفضل من مائهم وكَلَئِهم للآخرين تشجيعاً للثروات الزراعية والحيوانية. 3 - ورد عن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم النهي عن بيع الثمرة قبل نضجها، في حين أنّ المعروف لدى الفقهاء جواز ذلك ووردت فيه روايات كثيرة(1)، ممّا يدعو أيضاً إلى حمل ذلك النهي على الحكم الصادر بالولاية لأجل معالجة ظروف خاصّة، وممّا يؤكد ذلك إشارة الإمام الصادق عليه السلام إلى الظروف الخاصّة التي دعت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم إلى النهي عن ذلك ضمن نقله لصدور النهي عنه. وإليك نصّ الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام. "سُئل ] أي الإمام الصادق عليه السلام [ عن الرجل يشتري الثمرة المسمّاة من أرضٍ فتهلك ثمرة تلك الأرض كلّها، فقال: قد اختصموا في ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فكانوا يذكرون ذلك، فلمّا رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتّى تبلغ الثمرة، ولم يحرّمه، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم"(2). إنّ هذا شاهد على أنّ النهي الصادر من النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لم يكن تعبيراً عن الحرمة الشرعية، بل كان منعاً لهم عن ذلك بوصفه وليّاً للأمر، لمعالجة الخصومات التي أشار إليها. إلى غير ذلك من النماذج التي يمكن حملها على الحكم الصادر بالولاية لملء منطقة الفراغ وفقاً لمتطلّبات عصره صلّى الله عليه وآله وسلم. _______________________________________ 1 - الوسائل 13 ب 1 من أبواب بيع الثمار. 2 - الحديث الثاني من الباب.