ـ(313)ـ القانونية الأنسب لمصالح طبقة خاصة أو قطاع معيّن من قطاعات الأُمة دون غيرها، فإن مثل ذلك خيانة للأُمة ولا يجوز ارتكابها لولي الأمر بالضرورة. والأمر الثاني: ملاحظة تلك المصالح من وجهة نظر الإسلام وبحسب الموازين الإسلامية العامّة، لا من وجهة النظر المادّية البحتة مثلاً أو من وجهات النظر الأُخرى التي لا تنسجم في روحها مع الإسلام، ولأجل توضيح ذلك نكتفي بمثالين: المثال الأول: إننا لو لاحظنا المصالح الاقتصادية العامّة من وجهة النظر المادّية البحتة، فقد يؤدّي ذلك إلى ضرورة منع العمال في جميع المعامل والمصانع من ممارسة الفرائض الدينية من الصوم والصلاة وحفظ الحجاب للنساء العاملات إلى غير ذلك، لأنّ الصوم يؤدّي إلى ضعف العامل عن عمله، والمدة التي تستغرقها إقامة الصلاة في المعامل والمصانع ستنقص من ساعات العمل اليومي للعمال، كما أنّ الحجاب الإسلامي للنساء العاملات قد يلكّئ من مستوى السرعة للتقدّم الكمّي والكيفي في نطاق أعمالهن، وهذه الأمور بمجموعها ستؤثر تأثيراً بالغاً جدّاً على مستوى الإنتاج في المعامل والمصانع، ومن ثمّ ستؤثر على المصالح الاقتصاديّة العامّة في الوطن الإسلامي، وهذا يعني وقوع التزاحم بين امتثال تلك الفرائض الدينية لهؤلاء العمال وبين المصالح الاقتصادية الكبيرة التي ستضيع بسبب إقامة تلك الفرائض، وبحسب هذه النزعة الفكريّة قد ينتهي الأمر إلى ترجيح تلك المصالح الاقتصادية على تلك الفرائض. ولكننا إذا لاحظنا المصالح الاقتصادية العامّة في إطار وجهات النظر الإسلامية وبحسب الموازين الإسلامية العامّة، لوجدنا أنّ المصالح الاقتصادية المادية لو انعزلت عن المصالح المعنوية والروحية والأخلاقية التي اهتمّ بها الإسلام لأصبحت تلك المصالح الاقتصادية وبالاً على الإسلام والمسلمين، وهذا يعنى أنّ من يقوم بدور ترجيح بعض المصالح على بعض لابدّ أن يكون واعياً لوجهات نظر الإسلام حول تلك المصالح، حتّى