ـ(312)ـ بسبب وجوب طاعة وليّ الأمر في غير معصية الله تبارك وتعالى. هذه هي المجالات الثلاثة التي يمكن أن نحدّد بها مساحة منطقة الفراغ التي فُوّض الحكم فيها إلى وليّ الأمر، وقد يستدل من الناحية الفقهيّة على شمول منطقة الفراغ لكل هذه المجالات الثلاثة بإطلاق أدلّة وجوب طاعة وليّ الأمر وإطلاق أدلّة نيابة الفقيه العادل عن وليّ الأمر في عصر الغيبة، فإنّ إطلاق هذه الأدلة يدلّ على وجوب طاعة وليّ الأمر أو نائبه في كل ما يحكم به في جميع الأمور وفي جميع المجالات، وقد خرج عن ذلك ما يستلزم معصية الله تبارك وتعالى وبقيت في إطلاقها هذه المجالات الثلاثة التي ذكرناها لعدم استلزامها لمعصية الله تبارك وتعالى. الثالث: ضوابط ما يملأ به الفراغ: من الضوابط العامّة لملء منطقة الفراغ هي الضوابط الراجعة إلى ما يُملأ به الفراغ من القوانين والتشريعات من قبل وليّ الأمر، فإنّ الشريعة الإسلامية بعد أن حدّدت مجالات منطقة الفراغ وفوّضت أمر التشريع والتقنين فيها إلى وليّ الأمر، لم تدع أمر ملء هذا الفراغ تحت رحمة الرغبات الشخصية الخاصّة لوليّ الأمر لكي يملأه كيفما يشاء وبأيّ نحو يريد، بل لابدّ لوليّ الأمر أن يراعي أمرين أساسيين: الأمر الأول: ملاحظة مصالح الأُمة في جميع القوانين والتشريعات التي يضعها لملء منطقة الفراغ حسب الظروف المرحلية التي تمرّ بها الأُمة، فإذا كان أمامه عدّة خيارات لحلّ مشكلة من المشاكل الاقتصادية أو السياسية أو غيرها التي تمرّ بالأمة الإسلامية، بمعنى أن هذه المشكلة يمكن حلّها باختيار واحدة من صيغ قانونية متعدّدة، فلابدّ لوليّ الأمر أن يختار جهد الإمكان أفضل تلك الصيغ القانونية وأولاها بحسب مجموعة مصالح الأمة بعد مراعاة الكسر والانكسار في المصالح والمفاسد المختلفة الراجعة إلى تلك القضية، ولا يحقّ لـه أن يختار الصيغة القانونية الأنسب لمصالحه الخاصة ولا الصيغة