ـ(304)ـ يضمن به الحفاظ على الأهداف العامّة للشريعة الإسلامية بحسب مقتضيات الظروف والأحوال، وهذه المساحة هي التي نعبّر عنها بـ (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي). ولا يخفى أنّ الخلاف في تعيين أُولي الأمر لا يؤثّر على أصل هذه الفكرة، فسواء كان أُولو الأمر عبارة عن كلّ من تمّ تعيينه بالبيعة في كل زمان - كما هو المشهور لدى علماء السنّة - أو كان عبارة عن الأئمّة الاثني عشر وينوب عنهم الفقهاء العدول في عصر الغيبة - كما هو المشهور لدى علماء الشيعة - فعلى كلا التقديرين إنّما تجب طاعة وليّ الأمر في المساحة المفوّضة إليه من قبل الشريعة الإسلامية، لا في المساحة التي قد عيَّنت الشريعة الإسلامية أحكامها بصورة مباشرة. وبهذا يظهر أنّ فكرة (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) مستبطنة في فكرة (وجوب طاعة وليّ الأمر)، لأنّها تعبير عن المساحة التي فُوّض التقنين والحكم فيها إلى وليّ الأمر، وكلّ من استعرض فكرة وجوب طاعة وليّ الأمر - كالإمام الطبريّ (1) والإمام الفخر الرازي(2) وغيرهما من أئمّة التفسير - وغيرهما من أئمّة التفسير - فقد استعرض ضمناً وبالدلالة الالتزامية لفكرة (منطقة الفراغ) بالمعنى الذي ذكرناه. وهذا معنى ما قلنا من أنّ هذه الفكرة ليست مستحدثة جديدة، وإنّما هي من الأفكار العريقة في تاريخ الفكر الإسلامي وإن كان اسمها وعنوانها الخاص جديداً، ولا أظنّ أحداً عبّر عنها بعنوان (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) قبل المفكّر الإسلامي المعاصر أُستاذنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره. _______________________________________ 1 - تفسير الطبري 8: 502، حسب نقل مختصر تفسير الطبري 1: 113. 2 - التفسير الكبير 10: 143.