ـ(303)ـ تفسيره بأحد وجوه ثلاثة: الوجه الأول: أن يقصد به مجرّد تنفيذ الأحكام الشرعية الثابتة مسبقاً في مصادر التشريع الإسلامي، من دون أن يحقّ لـه أي لوليّ الأمر تقنين حكم أبداً غير ما قنّنته الشريعة الإسلامية بصورة مباشرة، وهذا الوجه لا نحتمل إرادته من الآية الكريمة لأنّه إنّما يعني وجوب طاعة الله فحسب، في حين أنّ الآية الكريمة تصرّح بوجوب طاعة الله تعالى والرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم وأُولي الأمر، ولا أقلّ من منافاة هذا الوجه لإطلاق وجوب طاعة وليّ الأمر، لأنّه يشمل بإطلاقه وجوب طاعة كلّ تكليفٍ يصدر من وليّ الأمر - ما لم يؤدّ إلى معصية الله تبارك وتعالى كما سيأتي - ولا يختصّ بالتكليف الصادر منه لتنفيذ أوامر الله تعالى فحسب. والوجه الثاني: أن يقصد به وجوب طاعة كلّ تكليف يصدر من وليّ الأمر، في جميع الأمور سواء كان فيها تكليف مباشر في الشّريعة الإسلامية أو لم يكن، وهذا غير محتمل أيضاً لأنّه ينافي ما ثبت بالضرورة من عدم جواز طاعة مخلوق في معصية الخالق، وقد وردت روايات بهذا المضمون كما في حديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"(1). والوجه الثالث: أن يقصد به وجوب طاعة وليّ الأمر في المساحة التي لم يرد فيها تكليف مباشر من قبل الشريعة الإسلامية؛ وهذا هو التفسير المتعيّن لوجوب طاعة وليّ الأمر، بقطع النظر عن تعيين المقصود بوليّ الأمر كما ذكرنا. وهذا يعني أنّ الشريعة الإسلامية تركت مساحة معينة من الأمور لم يباشر فيها ببيان تكليفٍ إلزامي من وجوب أو حرمة، ليملأها وليّ الأمر الشرعي بما يرى من تكليف مناسب، _______________________________________ 1 - تفسير ابن كثير 1: 783: نقلاً عن سنن أبي داود: 87 والبخاري 9: 78.