ـ(302)ـ بنحو يتضح أنّها من مظاهر كمال الشريعة الإسلامية وليست نقصاً فيها، ثمّ نشير إلى الموازين والأُطر الثابتة في الشريعة الإسلامية لملء منطقة الفراغ من قبل وليّ الأمر الشرعي في كلّ زمانٍ بحسب مقتضيات ذلك الزمان، كما سنشير إلى الفرق بين ملء منطقة الفراغ من قبل وليّ الأمر وبين علاج المجتهد لمشكلة (العوز في النصّ) عند استنباط الأحكام الشرعيّة، ثمّ نعرج إلى بيان الشبهات والإشكالات التي أوردت أو بالإمكان أن تورد على فكرة (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) ونحاول حلّها ومعالجتها بالشكل الصحيح. توضيح الفكرة: المقصود بـ (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) تلك المساحة من الأمور والقضايا التي تركت الشريعة الإسلامية حقّ التشريع فيها لوليّ الأمر أو للسلطة التشريعية العاملة بالتخويل أو بالإشراف من قبل وليّ الأمر، لكي يصدّر فيها الحكم المناسب للظروف المتطوّرة بالشكل الذي يضمن الأهداف العامّة للشريعة الإسلامية. وهذا المعنى من لوازم وجوب طاعة وليّ الأمر الشرعي في كل عصر وزمان، فإنّ وجوب طاعة وليّ الأمر المستفاد من الآية الكريمة: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً?(1). - بقطع النظر عن تعيين المقصود بوليّ الأمر - يستلزم تخويل حقّ إصدار الحكم والأمر والنهي لوليّ الأمر في مساحة معيّنة من الأمور، وهي المساحة التي لم يرد فيها تكليف مباشر من قبل الشريعة الإسلامية، وهذه المساحة هي التي نعبّر عنها بـ (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي). وبمزيدٍ من التوضيح نقول: إنّ وجوب الطاعة المستفاد من هذه الآية الكريمة يمكن _______________________________________ 1 - سورة النساء: 59.