ـ(291)ـ المبدأ ذاته، مبدأ الوحدة. يجب أن نتذكر دائماً أنّ هذه الدحرجة من الوحدة الشاملة إلى الوحدة الناقصة مسحت من الوجود كلمة: "دار الإسلام" وكلمة "أهل الحلّ والعقد"، وبدأت تظهر مفاهيم انهزامية واستسلامية شيئاً فشيئاً، فبعد أن كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يصرّ على أن يكون الإسلام هو الدين الوحيد في الجزيرة العربية، بدأت تظهر نغمة القبول بالأديان الأخرى، وتزداد وتزداد حتى تحوّلت إلى الاستسلام للأديان الأخرى، وتميّع مفهوم الجهاد حتى انعدم أو أصبح تهمة يُعدم صاحبها مع أنّ آياته واضحة جليّة. بدأت الانهزامية الفكرية بالقول أنّ الحرب في الإسلام تكون دفاعية فقط لا هجومية، ولا تكون جائزة إلا إذا كان المسلمون قادرين على النصر، وأنّ الجهاد فرض كفاية لا فرض عين، بينما يقول الآخرون أنّ الهجوم خير وسائل الدفاع، ويهاجمون من أجل باطل، لا دفاعاً عن دين الله. وحتّى لو فرضنا - لمجرد الجدل - أنّ كل الحروب الإسلامية، ابتداءً من بدر لم يكن لها لزوم، ولو فرضنا جدلاً أنّ الإسلام سينتشر بالإعلام والإقناع، فأين هو هذا الإعلام الإسلامي ؟ وأين هو التبشير للإسلام ؟ بل أين هو مجرّد استقلال التجارة الإسلامية والنفط الإسلامي والنقد الإسلامي ومضايق البحار الإسلامية في عملية الإقناع الدولي بالإسلام ؟ بل أين هو التعليم الإسلامي أو التجارة الإسلامية أو الفنّ الإسلامي ؟ وتدحرجت كرة المسلمين أكثر وأكثر؛ تدحرجت من حكومة راشدة إلى حكومة ناقصة والآن إلى حكومة فاسدة، وعناصر الفساد هي الظلم وسوء استعمال السلطة بما فيها سوء استعمال الدين نفسه. الأصل في منع الظلم أنّ الحاكم الراشد أي الخليفة الراشد ليس لـه أيّ سلطة تشريعية ولا سلطة روحية، إنّما سلطته هي تنفيذ شرع الله؛ فإذا شرّع هو من عنده فقد