ـ(288)ـ ولكنّها الطائفية والمذهبية لا تنمو إلاّ على افتراس الإسلام السياسي ومصلحة مستضعفي المسلمين، ومن ثمّ فإنّ العلاج الأساسي لمشكلة الطائفية هو تحقيق الوحدة، ولا تتحقّق الوحدة الإسلامية إلاّ بدولة الإسلام السياسي، ومركز القلب في الإسلام السياسي هو إعادة الإمامة العظمى أو الخلافة الإسلامية أو ما يماثلها من وحدة المسلمين. يعني هذا أنّ أيديولوجية الإسلام هي الخلافة أو الإمامة، هي الروح والمسلمون هم الجسد، وبغير الروح يصبح جثّة هامدة تلتهمها فئران الصهيونية والصليبية والإلحاد، فالخلافة أو الإمامة هي الجهاز العصبي الذي يتلقّى الإشارات من سائر أعضاء الجسد ثمّ يرسل أجوبة هذه الإشارات إلى سائر أعضاء الجسد. وبغير هذه الخلافة أو الإمامة تصبح العبادات مجرّد طقوس كالتي يمارسها الإنسان البدائي في الغابة أو في الفلاة. والإسلام ليس إلاّ سياسة، هو دين سياسي وسياسة دينية، أي (دينسياسة). وهو في هذا يختلف عن سائر الأديان ويكتمل بخلافها. وطبيعي إذن إنه لن تتمّ وحدة للمسلمين إلاّ وتعود في الحال مؤسسة الخلافة أو الإمامة ولو بصورة أُخرى تتلاءم وتطوّر الزمن كمؤسسة بدلاً من فرد، أو فرد تُحدَّد مدّته بقانون بديل عن قانون الموت الطبيعي، ولقد كان الإمام الراحل هو حلم كثير من المسلمين في أن يكون إماماً لكلّ مسلمي الأرض، ولكن الأُمة لم تنضج بعدُ لدرجة إعطائه البيعة، وكانت المذهبية هي العائق الوحيد دون ذلك، ومعروف أنّ الإمام لا يسعى إلى المنصب وإنّما يحرّم المنصب على مَنْ يسعى إليه، ومؤدّى ذلك أنّ الأُمة هي التي تسعى إلى اختيار إمامها وليس العكس. هنا نأتي إلى قضية مهمة وعملية هي: إن كل الحركات الإسلامية من وهابية ثمّ