ـ(287)ـ صفوف منتظمة، فكذلك نحن الآن في لحظة تاريخية تستدعي تسوية الصفوف والاتجاه إلى الله، وتأجيل المذهبية إلى ما بعد أداء الفريضة. وأُنبّه إلى أنّ الدعوة إلى توحيد الصفوف يجب إعطاؤها فرصة التجربة باعتبارها اجتهاداً مثل بقية الاجتهادات، وإن كانت هي في الحقيقة أصلاً أصيلاً وفرضاً واجباً لا جدال فيه ?إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..ِ.?. وسائل التقريب بين المذاهب: لو أنّنا أدركنا معنى القرآن لما احتجنا إلى البحث عن هذه الوسائل، ولكن الله يزعُّ بالسلطان ما لا يزعُّ بالقرآن. والواقع أنّ السلاطين هم الذين أذكَوْا التمذهب والطائفية، وما زال بعض السلاطين الذين لا يهتمّون برجل الشارع المسلم ولا يهتمّون بعالمية الإسلام ولا يهتمّون بالإسلام السياسي يذكون طائفيةً أشعلت حرباً في الخليج ضدّ من اعتبروهم مجوساً أو فرساً، واستعانوا في ذلك بالصليبية الدولية والصهيونية الدولية. ولكن من أعان ظالماً سُلِّط عليه، فذاق بعضهم بأس بعض مع أنّهم من مذهب واحد، وهكذا ارتدّ سهم المذهبية إلى نحر المذهبية نفسها وادّعى مذهب أنّ الاحتفال بالمولد النبويّ بدعة، ثمّ احتفلوا هم بمولد (بوش) ومولد اليهودي (أبي حصيرة)، وحذّروا من "بدعة" القبورية وزيارة القبور، وبناء المساجد على القبور، ثمّ حوّلوا المسجد الحرام إلى مقبرة لفريق اعتصم فيه والى مذبحة أو مجزرة مكة لمن طاف حوله، وأفرغوا الحجّ من معناه وجعلوه حجّاً أخرسَ وأبكم، ولو تخفّفوا من هذه الطائفية - ولو قليلاً - لوفّروا على أنفسهم (600) مليار دولار أُنفقت في حرب داخلية داخل الطائفة ذاتها، ولأحسنوا استغلال ثروات تخصّ مستضعفي المسلمين، ولكانوا لحقوا بالغرب في السباق التكنولوجي والنووي والفضائي، ولكان المسلمون قد أعادوا مجدهم الغابر.