ـ(286)ـ ويهدرون دماء بعضهم، لأنّ هذا مذهبه مختلف عن هذا ففيم أذن القرآن ؟ وفيم إذن أذان الله أكبر ؟ أكبر من ماذا ؟ لست أقول بإلغاء المذاهب، ولكن أقول: إنّ كل مذهب هو صفحة واحدة في كتاب الإسلام، ويجب أن نقرأ كتاب الإسلام كله وليس صفحة واحدة منه، صحيح أنّ كل صفحة هي كنوز فكرية، ولكن الاكتمال والوحدة الإسلامية لا يتمّان إلا بجمع صفحات الكتاب معاً في مجلد واحد، فأيّ كتاب مهما كان قيّماً إذا مُزّقت صفحاته بعيداً عن بعضها انتهى مفعوله ككتاب، ومن ثمّ فإن مؤتمركم هذا في سبيل تقريب المذاهب تحمدون عليه، وندعو الله أن يتدّرج هذا التطوير إلى دمج كل صفحات الكتاب معاً في كتاب واحد على يد عبقريّ مسلم يوماً ما. إنّ السرّ في التعصب المذهبي أو الطائفي هو غياب الإسلام السياسي، غياب الوعي السياسي عند بعض الفقهاء، غياب الاهتمام برجل الشارع المسلم، غياب الشعور بعالمية الإسلام، ومن ثمّ لقد كان ظهور آية الله الخميني - رحمه الله - واهتمامه بالإسلام السياسي ومستضعفي المسلمين وعالمية الإسلام هو بدء ذوبان الطائفية وبدء اختلاط الكتل التي كانت مجمّدة في كيان واحد. الإدراك لعالمية الإسلام والإدراك بأنّ المسلمين مستضعفون لابدّ أن يحرّك الإنسان نحو توحيد المذاهب أو على الأقل التقريب بينها. والسؤال الذي يفرض نفسه هل المذاهب اجتهادات أم أديان ؟ إنها اجتهادات لدين واحد، وليست أدياناً مختلفة، وإنّما هم فقهاء أو أئمّة لنبيّ واحد ولقرآن واحد، وإنّ الاجتهاد يجب ألّا يتوقف وإنّما يتطوّر مع حركة التاريخ. حركة التاريخ الآن تحتّم تسوية الصفوف، تلك الحركة التي نبدأ بها كل صلاة، ونحرص عليها في الصلاة، ويجب أن نطبّقها عملياً في الحياة السياسية لأنّ الإسلام ليس مجرّد حركات، إنّما لكلّ حركة فيه فلسفة وجوهر عملي، فإذا حانت الصلاة انتظمنا في