ـ(270)ـ فقد ورد في فتاوى (قاضي خان) أنه لا كفّارة على شخص أقسم بأنه سيطير في الهواء ثمّ فشل في تنفيذ قسمه، وذلك لأن الطيران في الهواء ليس ممكنا للبشر، والمؤكد أن فقهاء عصرنا لن يفتوا على هذا النحو في هذه المسألة، والشريعة تثبت عن طريق الاجتهاد أنها ملائمة لكل العصور ؛ إن الاجتهاد الفقهي تابع للشريعة وخاضع لها ولكنه غير خاضع لفقه سابق لعصره، لأن الفقه ليس إلاّ سجلا للاجتهاد الإسلامي وهو ليس بالشريعة نفسها. والجزء الأخير من هذا القانون هو ما اصطلحت عليه "اللوائح التمدنية" التي لا تتعلق قضية وضعها بالشريعة، لأن الله سبحانه وتعالى لم ينزل شريعة هندسية أو صناعية، بل أجاز للبشر أن يقوموا بوضع هذه اللوائح وفقاً لعلومهم وأحوالهم إلى جانب وجوب الشكر والحمد عليهم لله سبحانه وتعالى لما أسبغ عليهم من نعم، لأن روح الحمد والشكر والاعتراف بهذه النعم تمثل في حد ذاتها ضمانا أكيداً لعدم دخول عناصر الفساد والظلم إلى اللوائح التمدنية وكيفية سنّها. المشاكل الناجمة من سوء فهم الثابت والمتغير من مفاهيم القرآن الكريم والسنة: لقد حطمت العلوم الحديثة البنيان التقليدي للمعرفة والفكر الذي كان فيه الإسلام، ولم يمكن نقل الإسلام في البيان الفكري والمعرفي الجديد عن طريق تحديث فكره، وأصبح الإسلام في واد والمسلمون في واد آخر، ولم يتمكن زعماء المسلمين من توجيه العمل الإسلامي وفقاً لمقتضيات العصر الحديث، وظلوا يقودون المسلمين باستراتيجيات رثة لها اعتبارها في خريطة الماضي، ولكنها لا تتمتع بقيمة في خريطة العصر الحاضر، وكان هذا سببا في انحطاط المسلمين وتخلفهم في هذا العصر.