ـ(271)ـ لقد وجد مجاهدو غزوة بدر (624 م) تفسير ?وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ? (1) في السيف، ولكن لو وجد مجاهدو البوسنة والهرسك والشيشان (1995 م) التفسير ذاته لهذه الآية، فسنقول: إنَّهم لم يفهموا القرآن الكريم وفق مقتضيات العصر الحاضر، بينما يستدعي التغير الزمني أن ننظر إلى القرآن الكريم بمنظار خريطة الحاضر، إن استخدام عاطفة الشعر والخطابة الرنانة الطنانة لبيان الأفكار، وتحول حركات الأحياء الإسلامي إلى السياسة الحربية الانفعالية، والاكتفاء بالوعظ والفتاوى القديمة لإصلاح الأُمة بمنزلة تمثيل لمسرحية الحال في تاريخ الماضي. لو كان مصلحونا في العصر الحديث قاموا بدراسة الأوضاع بعمق، ثمّ أعدوا للإسلام في ضوء هذه الدراسة بنيانا فكريا جديداً متوائما مع البنيان الفكري الجديد الذي صنعته العلوم الحديثة، لو كان قُدِّر لهذا العمل أن يرى الوجود لأصبح العلم أو العصر الحديث مسخّرا لتقوية الدين وإعطائه حياة جديدة بدلا من أن يكون ندّاً لـه. لقد تأثرت المؤسسات الإسلاميّة كلها بهذا التوجه الخاطئ، لأنها لم تعد تقدم إلينا ما كانت تقدمه من الفوائد في الماضي في مجال الدعوة والتربية أُسوة بدار الأرقم بمكة والصُفّة بالمدينة المنورة. سنستعرض من تلك المؤسسات ما يأتي: أولا: التكايا الصوفية: لقد بدأ نظام الزوايا الصوفية في القرن الرابع الهجري، في وقت سيطر فيه الدين على الفكر العالمي، لهدف رفع الحرارة الروحية في قلوب الناس، لقد لعب هذا الأسلوب الروحي دوراً إيجابيا بالفعل في المناخ الفكري القديم ؛ أما في المناخ الفكري الحديث فإن دورها يقتصر على إيجاد شخصية منفصمة تحمل أفكار العصر بصورة شعورية أو لا ________________________________ 1ـ سورة الأنفال: 60.